ما تزال قصة استقالة مدير المخابرات المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بتريوس، تكتسب أبعادا جديدة ووزنا إضافيا كل يوم على نحو ينذر بأن تتحول إلى كرة جليدية كبيرة الحجم، تسقط كثيرين آخرين في واشنطن، ربما يكون أولهم وزير العدل إيريك هولدر. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية أمس رفض الكشف عن اسمه إن قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون آلان يخضع للتحقيق في مزاعم عن اتصالات مشبوهة مع جيل كيلي، التي وصفت بأنها صديقة قديمة لأسرة بتريوس، والمتطوعة في قاعدة ماكديل الجوية بفلوريدا، في إطار الفضيحة التي تلاحق بتريوس. وأمر الرئيس الأميركي باراك أوباما تجميد قرار تعيين الجنرال جون آلان القائد الحالي لقوات الحلف الأطلسي في أفغانستان، قائدا أعلى لقوات الحلف الأطلسي، كما أعلن البيت الأبيض أمس وذلك بعد اكتشاف آلاف مراسلات "غير لائقة" بينه وبين صديقة لمدير السي آي إيه المستقيل ديفيد بتريوس. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور إن أوباما "جمد تعيين الجنرال آلان في منصب القائد الأعلى لقوات الحلف الأطلسي بانتظار التحقيق الذي بدأته وزارة الدفاع حول سلوك الجنرال آلن".وقال المسؤول الأميركي: إن مكتب التحقيقات الاتحادي اكتشف بين 20 و30 ألف صفحة من المراسلات معظمها رسائل بريد إلكتروني بين عامي 2010 و2012 بين ألين وكيلي. وكانت شكاوى كيلي من مضايقات عبر الإنترنت من بولا برودويل، التي أقامت علاقة مع بتريوس هي التي قادت لتحقيق مكتب التحقيقات، ونبهت السلطات لعلاقة بتريوس ببرودويل. فضلا عن ذلك فإن احتمالات تورط مخابرات دولة أجنبية ربما تكون الموساد تتزايد كل يوم بدورها إن لم تجد من يجهضها على عجل حتى لا تؤثر على علاقات الولاياتالمتحدة بدول أخرى وعلى سياستها الخارجية. وفي حالة وزير العدل إيريك هولدر، فإن السؤال الجوهري الذي يطارده الآن هو: هل كان صادقا حين امتنع عن إبلاغ الرئيس باراك أوباما حتى انتهاء الانتخابات؟ أم أنه أبلغه ولسبب ما قرر الرئيس ألا يبلغ الكونجرس قبل الانتخابات؟. ويقول من يعتقدون أن هولدر وهو من رجال أوباما المخلصين أبلغ أوباما الذي طلب منه أن "ينسى" أنه أبلغه، فيما رأى بعض مستشاري الرئيس ترك بيتريوس تحت تهديد التحقيق، الذي كان قد بدأ معه بالفعل بشأن سلوكه الشخصي، حتى يقف إلى جانب البيت الأبيض في قصته عن ملابسات اقتحام القنصلية الأميركية في بنغازي، كي يفلت الرئيس من المسؤولية، لا سيما في المرحلة الدقيقة السابقة على الانتخابات. إلا أن هولدر يصر على أنه لم يبلغ الرئيس بالتحقيق في الرسائل الإلكترونية مجهولة المصدر، التي تلقتها جيل كيلي، حين بدأ التحقيق في سبتمبر الماضي، وأنه أبلغ الرئيس فقط بعد انتهاء الانتخابات. وقال مسؤول بمكتب التحقيقات الفيدرالي: إن تلك الرسائل تضمنت معلومات دقيقة لا يمكن معرفتها إلا من شخص على اطلاع، وأن ذلك ما استدعى مواصلة التحقيق حتى الوصول إلى نهاية الأمر. غير أن عشيقة بيتريوس بولا برودويل، ألقت كلمة في إحدى الجامعات الأميركية البعيدة كشفت فيها عما يعتقد أنه كان أسرارا مهمة تتعلق ببنغازي. ولم تكن الكلمة مسجلة، ولكن صحيفة إسرائيلية هي "أروتز شيفا" الناطقة بلسان المستوطنين كانت هي الصحيفة الوحيدة في العالم التي تضمنت تقريرا عن كلمة برودويل. وليس من المفهوم لماذا يمكن أن تهتم صحيفة إسرائيلية تمثل المستوطنين بكلمة لسيدة أميركية مجهولة ألقتها في جامعة بولاية كولورداو. فضلا عن ذلك فإن مسؤولا بمكتب التحقيقات الفيدرالي أشار إلى أن مصدر رسائل التهديد التي يفترض أن بولا هي التي أرسلتها لم يكن مصدرا واحدا، ولكنه عدة مصادر، وأن حسابات إرسال البريد الإلكتروني أخفيت "بأيدي محترفة" حسب قول المسؤول لشبكة "إن. بي. سي". وليس من المفهوم أيضا كيف يمكن أن تكون كاتبة تخرجت من جامعة هارفارد، ولم تدرس الكومبيوتر في حياتها قد اكتسبت هذا القدر من الاحتراف في إخفاء معالم مصدر إرسال رسائل التهديد تلك؟. وفيما يز يد السؤال المتعلق بما إذا كانت بولا تعمل لحساب الموساد، فإن القضية الوحيدة التي تعني الجمهوريين في الكونجرس الآن ليست هي ما إذا كان هناك جهاز استخباري أجنبي قد دخل على خط محاولة تجنيد مدير المخابرات المركزية، وإنما ما إذا كان الرئيس قد ابتز بيتريوس حتى لا يضع مسؤولية قتل الأميركيين في بنغازي على عاتق الرئيس.