لا يزال خبر استقالة الجنرال ديفيد بترايوس مدير المخابرات الأميركية المركزية بعد اعترافه بأنه تورط في علاقة غير شرعية، يهز أركان واشنطن وسط موجة من التوقعات والتكهنات المتضاربة. ولأن جراح المعركة الانتخابية لا تزال ساخنة ولم تلتئم فقد كان من الطبيعي أن يتبنى بعض تفسيرا تآمريا يورط كل من الجنرال والرئيس أوباما على حد سواء. وكانت التقارير الأميركية كشفت عن المرأة التي أنهت حياة عملية كان يمكن أن تقود الجنرال إلى البيت الأبيض في وقت لاحق بسبب الاحترام الواسع الذي اكتسبه في كل موقع عمل به. والمرأة هي صحفية تدعى بولا برودويل كانت قد وضعت على كاهلها كتابة سيرة حياة بترايوس فانتهى الأمر بانزلاق قدم الجنرال المخضرم. أما التفسيرات التآمرية فإنها تدور حول السبب الذي حال دون أن يترك بترايوس موقعه دون جلبة وإعلانه في خطاب الاستقالة أنه يغادر منصبه بسبب افتقاده للحكمة وسقوطه فيما فعل. ويقول أصحاب هذا الرأي إنه لم يكن من الضروري أن يعلن الجنرال عن السبب ومن ثم فإن اعترافه الطوعي كان محلا للتساؤل. كما يقول أصحاب تلك التفسيرات أن الجنرال غادر موقعه قبل أسبوع واحد من الشهادة أمام الكونجرس في واقعة اقتحام القنصلية الأميركية في بنغازي. ويعاقب القانون من يكذب أمام الكونجرس بعقوبة بالغة القسوة ومن ثم فإن بترايوس كان مضطرا إلى أن يقول الحقيقة لو لم يغادر منصبه قبل الشهادة ويكلف من خلفه في الموقع وهو نائب مدير الوكالة مايكل موريل. ويتوقع أن يعين المستشار الحالي لأوباما لمكافحة الإرهاب جون برينان خلفا لبترايوس. وكانت قضية بنغازي استخدمت من قبل خصوم أوباما من أجل المطالبة بإقالة الرئيس بسبب عجزه عن الدفاع عن الدبلوماسيين الأميركيين. ويذكر أن السفير كريس ستيفنز الذي لقي مصرعه في بنغازي كان قد بعث برسالة استغاثة إلى جهات أمنية قبل 3 ساعات من مقتله فيما كان محاصرا في بناية القنصلية إلا أن أحدا لم يتحرك لإنقاذه. ولكن لماذا يتطوع بترايوس باتهام نفسه علنا بالخيانة الزوجية؟ أي لماذا يذهب إلى هذا المدى في حماية أوباما؟ يقول أصحاب التفسيرات المعادية للرئيس إن مكتب التحقيقات الفيدرالي اكتشف الأمر قبل أشهر عبر اتصال من مجهول، وإن تحقيقا بدأ بتكتم في الموضوع بعلم الرئيس الذي طالب بترايوس بأن يقدم استقالته بعد الانتخابات وأن يكشف فيها عن السبب، وإلا فإن الإدارة ستعلن الأمر بطريقتها وستحقق في احتمالات أن يكون قد فرط في معلومات تتصل بالأمن القومي للبلاد إلى الصحفية لاسيما وأن المتصل المجهول قال لمكتب التحقيقات إن تلك السيدة "تعرف أكثر مما ينبغي". ويرد أنصار أوباما برفض هذه التكهنات والقول بدلا من ذلك إن هناك احتمالا بأن يكون الجمهوريون هم من عرفوا النبأ بعد أن تسرب إليهم من التحقيقات الفيدرالية، وأنهم حاولوا استخدام المعلومة لابتزاز بترايوس ودفعه إلى الشهادة أمام الكونجرس بما يدين الرئيس. غير أن هذا النمط من التفسيرات يحتمل التفنيد في هذه المرحلة المبكرة من تداعيات قصة استقالة الجنرال التي يقول كثير إن ما عرف منها حتى الآن لا يتجاوز قمة جبل الجليد. من جهة أخرى، يعقد أوباما أول مؤتمر صحفي الأربعاء المقبل منذ انتخابه، على أن يتوجه في اليوم التالي إلى نيويورك لبحث نتائج الإعصار ساندي، حسبما أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني. وكان أوباما شدد في أول خطاب له أول من أمس على ضرورة أن يدفع الأميركيون الأكثر ثراء مزيدا من الضرائب قبل بدء مفاوضات مع الكونجرس. وأعلن أنه سيدعو زعماء الكونجرس إلى محادثات الجمعة المقبل لإيجاد سبل للخروج من أزمة الميزانية قبل نهاية ديسمبر المقبل.