رغم الشكوك الدولية التي تحيط بالبرنامج النووي الإيراني، تؤكد طهران أن برنامجها مكرس للاستخدام السلمي للطاقة. وقد نشر "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" تقريراً في أكتوبر الماضي عن بعض المشكلات الفنية التي تحيط بالمحادثات النووية، جاء فيه أن إيران ستتمكن من تجميع ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة واحدة على الأقل في غضون أشهر، ويسمى هذا بالاختراق أو "تجاوز العتبة". معنى التخصيب تعتبر معظم أعمال إنتاج المواد التي تتيح صنع أسلحة نووية قد أُنجزت بمجرد الوصول إلى نسبة تخصيب تبلغ 20%. وفي اليورانيوم الطبيعي، تكون نسبة اليورانيوم U-235 (المادة المطلوبة لتصنيع قنبلة ذرية) 0.7% فقط، مقارنة باليورانيوم 238-U السائد. وفي اليورانيوم المخصب حتى 20%، تكون النسبة 7:28 - بمعنى أن 965 ذرة يورانيوم U-238 قد تم نزعها من مادة اليورانيوم الأولية الغازية في أجهزة الطرد المركزي. وللحصول على المواد التي تتيح صنع أسلحة نووية بنسبة تخصيب تبلغ نحو 90% يلزم إزالة 27 ذرة أخرى فقط من اليورانيوم U-238. ومن المرجَّح أن تتحسن كفاءة إيران في تقنية أجهزة الطرد المركزي، كما أنها ستقوم في النهاية بتطوير أجهزة طرد مركزي مُحسّنة لاستبدال أجهزتها الحالية منخفضة الفعالية، بما يسمح لها إنتاج كميات كبيرة من مواد تصنيع الأسلحة بسرعة كبيرة. الجدول الزمني للاختراق النووي الإيراني تمتلك إيران 240 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% - وهي كمية تكفي في حالة تخصيبها إلى مستويات أعلى لإنتاج 27 كيلو جراماً من اليورانيوم المخصب حتى نسبة 90% وهي الكمية المطلوبة لتصنيع قنبلة نووية بسيطة. ومع استمرار أعمال التخصيب، قد تفكر إيران في العديد من سيناريوهات "تجاوز العتبة" النووية التي تشمل محطاتها القائمة لأجهزة الطرد المركزي في "ناتانز" و"فوردو" أو كليهما. ورغم أن بعض مخزون اليورانيوم الذي بحوزتها قد تم تحويله إلى ألواح وقود لمفاعل أبحاث، إلا أنه يمكن تحويل هذه المواد إلى مخزون يستعمل في أجهزة الطرد المركزي في غضون أشهر قليلة. ووفقاً لذلك، تشير التقديرات الحالية إلى أن إيران تستطيع أن تنتج ما يصل إلى أربع "كميات كبيرة" من اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة النووية خلال تسعة أشهر فقط من الآن. دروس من التاريخ؟ لقد تم إقناع بعض الدول بالتخلي عن أسلحتها النووية في الماضي، مثل أوكرانيا وروسيا البيضاء عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وجنوب أفريقيا في نهاية نظام الاضطهاد العنصري. كما أن دولاً أخرى قررت عدم المضي قدماً في برامج تصنيع الأسلحة، سواء بسبب ضغوط دبلوماسية أو عمليات إعادة تقييم خاصة بها (مثل السويد وسويسرا في ستينيات القرن الماضي، والبرازيل والأرجنتين في الثمانينيات). ولكن من الصعب أن نرى إيران تحذو حذو تلك الدول. وفي حين أشار بعض المراقبين إلى أنه ينبغي السماح لطهران بمتابعة مستويات تخصيب متواضعة لأغراض الطاقة المدنية والمفاعلات البحثية، إلا أن الحقيقة هي أن إيران ليست لديها احتياجات واضحة لمثل تلك القدرات. فروسيا تزودها بالفعل باليورانيوم منخفض التخصيب المطلوب لمحطة الطاقة النووية الوحيدة لدى النظام. الخلاصة بحكم طبيعتها تستغرق المفاوضات الكثير من الوقت. ورغم ذلك فما زالت أجهزة الطرد المركزي الإيرانية مستمرة في الدوران فضلاً عن تشغيل أجهزة إضافية، مما يعزز المخاوف بأن الوقت يصب في صالح طهران. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مهمة تسوية المخاوف بشأن نوايا إيران تعقِّدها معايير مختلفة لتحديد متى ستصبح البلاد دولة تمتلك أسلحة نووية، وفي الواقع أن زيادة قدرات التخصيب يمكن أن يكون أحد الإجابات. وإلى أن توقف طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم أو تظهر أن مواقفها تتغير في ظل ضغط العقوبات، يضعف التفاؤل في أن تعمل المفاوضات - سواء كانت ثنائية مع الولاياتالمتحدة أو مع مجموعة 5 + 1 - على إنهاء طموحاتها النووية المتصورة.