"كل ما أحتاجه سرير أبيض، ومغذ، وأصوات أجهزة طبية من حولي والممرضة تنادي الطبيب دكتور.. توقف النبض"!. هذا نموذج لإحدى التوبيكات الغريبة التي وضعها أحدهم على جهازه المحمول، وتحكي حالته النفسية والمزاجية، حيث تتيح الأجهزة الذكية لمستخدميها ما يسمى ب"الحالة"، وهي عبارات يكتبها الشخص، ويذيل بها اسمه في المحادثات الخاصة بالواتس أب، أو الماسنجر، والبلاك بيري، ويرفقها بالصورة التي يرغبها. وعلى الرغم من وجود حالات محددة مسبقا، وموجودة في الجهاز كاقتراحات لوضعها مثل "مشغول"، أو "لا أستطيع التحدث الآن وات ساب فقط"، أو "في العمل" وغيرها، إلا أن الكثيرين لا يحبون استخدامها، ويفضلون الحالات التي يضيفونها هم، وتعكس الكثير عنهم، ومنهم من يكتب حالات مميزة، أوغريبة، أومضحكة، وبعضها محزنة. تقول هدى سليمان: "يحتوي برنامج الواتس أب في جهازي على الكثير من التوبيكات، ومعظم الناس يضع أدعية، أو عبارات دينية، أو اقتباسات من آيات أو أحاديث، ومنها لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو عبارات مثل.. "احفظ الله يحفظك"، و"أحبك ربي" ، و"إن معي ربي سيهدين"، و"رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين"، و"اغفر لي ذنبي يا الله".. وغيرها. والبقية تتنوع ما بين أبيات شعرية فصحى أو عامية، والقليل منها غريب أو كئيب، كمن يضع عبارة "أنا منكفئ على نفسي.. أرجو ألا يزعجني أحد"، و"كيد النساء يهد الرجال، وكيد الرجال يهد الجبال"، أو"كرهت الحال من صغري، ألا ليت الموت يدري، ويأخذني عاجلا إلى قبري"، وآخر وضع صورة سوداء، وكتب "خارج التغطية للأبد"، وهي جميعها تعكس حالة صاحبها أو مزاجه. وقالت كوثر الشهري "التوبيك الخاص بي أغيره حسب حالتي المزاجية، فحين أشعر بضيق، أو عدم الرغبة في التحدث مع أحد أكتب عبارات حزينة، ومليئة باليأس والتشاؤم، وحين أكون سعيدة ومزاجي عاليا، أكتب عبارات تفاؤلية أو مضحكة، والعبارات المضحكة هي الغالبة على توبيكات المضافين لدي في الماسنجر والبلاك بيري، ومنها "لا أطيق الفراغ ..لأنه يجعلني أخطط لمصائب سوداء"، و"قمة النفاق تروح المدرسة وأنت مبتسم"، و"هدف حياتي طلع تسلل". أما الصور فمنهم من يضع صورته الشخصية، والكثيرون يفضلون الصور التعبيرية عن الحالة المكتوبة". ويضيف حمدان الغامدي "لا تقتصر التوبيكات على الحالات المضحكة أو الغريبة والكئيبة، فهناك توبيكات رائعة وراقية، منها حكم عن النجاح في الحياة، أو التجارب، والخبرات، واقتباسات لفلاسفة، وحكماء، وصحابة مثل علي بن أبي طالب، وعمر بن خطاب، وشكسبير، وهوميروس، وانشتاين، وميخائيل نعيمة، وتوماس فولر، وأفلاطون، وغيرهم". وأشار إلى أن "من العبارات الشهيرة في هذا المجال "ليس عيبا أن نسقط، ولكن العيب ألا نقوم"، و"النجاح سلالم لا يمكنك صعودها ويداك في جيبك"، و"إذا ابتسم المهزوم فقد المنتصر لذة الفوز" ، كما توجد توبيكات رومانسية جميلة مثل "زوجتي يا من علمتني ماذا تعني الحياة"، و"أحببتك حبا يجعلني أحتاجك دوما.. تماما كاحتياجي للهواء" ، وغيرها الكثير، فيما يفضل آخرون كتابة الحالة الفعلية التي يعيشونها مثل "أنا مسافر الآن .. دعواتكم"، أو "أشاهد مباراة وأشرب قهوة"، أو "كان يومي مرهقا جدا.. وهكذا". ومن جانبه أكد مدرب التنمية البشرية والأستاذ بجامعة الملك سعود الدكتور عبد الناصر الزهراني أن "السبب الحقيقي لتفاوت وتنوع حالات أو توبيكات، أو حتى البرودكاست التي يبثها الكثيرون عبر الأجهزة الذكية هو إظهار الذات في الغالب، بمعنى القول بطريقة غير مباشرة "أنا موجود" ، أو "هذه شخصيتي"، إضافة إلى الرغبة في اجتذاب انتباه واهتمام الآخرين بالشخص، خاصة تلك اللافتة للانتباه أو الغريبة، ومنها ما يكون دينيا أو حكما أو دعوات"، مؤكدا أن كل هذه العبارات تعكس شخصية صاحبها وميوله.