فقدت الرياضة السعودية الأمير فيصل بن عبدالله بن ناصر بن عبدالعزيز، الذي وافته المنية أول من أمس عن عمر يناهز ال55. وتولى الراحل كرسي رئاسة نادي الرياض في منتصف التسعينات الميلادية، وذاع صيته في الوسط الرياضي دون مقدمات بعد نجاحه في وضع فريقه الكروي بين الكبار بالمسابقات المحلية، وشكل ضلعاً رئيساً رابعاً في العاصمة إلى جانب أندية الهلال والنصر والشباب. ويعود الأمير الراحل "صاحب الميول الهلالية" إلى أسرة رياضية، فوالده رحمه الله رأس الهلال خلال الفترة 19731977. إنجازات لا تنسى أحدث الفقيد حراكاً كروياً وإعلامياً كبيراً في الرياضة السعودية بتصريحه الشهير بعد مباراة لفريقه الرياض أمام النصر، عندما أكد أن لاعب الرياض صالح النجراني هو موسيقار الكرة السعودية الحقيقي وليس لاعب النصر فهد الهريفي. وسعدت الرياضة السعودية بإنجازاته الإدارية التي قادت "الرياض" الذي اشتهر بلقب "مدرسة الوسطى" إلى منصات البطولات بعد غياب دام 32 سنة، وتحديداً بعد بطولة دوري كأس الملك للأندية أبطال المناطق عام 1962. وجاءت العودة المظفرة بتحقيق لقبي كأس ولي العهد السعودي عام 1994 واتبعها بكأس الاتحاد السعودي لأندية الممتاز العام التالي، كما حقق الرياض المركز الثاني في كأس ولي العهد عامي 1995 و1998 مما فتح للفريق بوابة المشاركة الخارجية الأولى عبر البطولة العربية في الأردن، وتحقيق الوصافة في بطولة النخبة الثانية للأندية العربية عام 1997 والمركز الثالث ببطولة الأندية العربية أبطال الكؤوس بتونس عام 1997، وسجل الفريق حضوره القوي بتحقيق وصافة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين عام 1994، وعاد ليحقق المركز الثالث عام 1996. الظهور الأول وجاء دخول الأمير فيصل بن عبدالله للوسط الرياضي رسمياً عام 1988، عبر شرط فرضه على لاعبي الرياض تمثل بضرورة الفوز على فريقه المفضل (الهلال) في مباراة ضمن دور ال16 من كأس ولي العهد لقبول رئاسة النادي عندما عرضت عليه من قبلهم بعد أن شارك بفريقه الكروي الخاص ببطولة رمضانية نظمها الرياض بعد افتتاح المنشآت الحديثة للنادي، وحقق اللاعبون مراده بهزيمة الهلال 3/1 وإقصائه من المسابقة في مباراة كان نجمها النجراني. وكان الأمير الراحل، دخل أسوار نادي الرياض لأول مرة عبر فريقه الكروي الخاص، وكان يلعب في صفوفه مهاجماً، عبر مباراة ودية جمعته بفريق الرياض وانتهت للأخير 3/1، ولفت لاعب الرياض الدولي السابق طارق الرزقان الذي كان أحد عناصر فريق الأمير فيصل بن عبدالله حينها، أنظار مسؤولي الرياض وكان لمدرب منتخب تحت 23 الحالي خالد القروني بجانب لاعب الفريق السابق محمد المطرف دور كبير في إقناعه بالتسجيل للنادي. مدرسة "الرياض" قدم "الرياض" في عهد الراحل وباختيار مثالي من قبله عندما تعاقد مع المدرب البرازيلي خوزيه زوماريو لتولي المهمة الفنية، عدداً من النجوم للكرة السعودية آنذاك ممن وصلوا للعالمية عبر المنتخب الأول، مثل ياسر الطائفي وطلال الجبرين وإبراهيم الحلوة الذين مثلوا "الأخضر" في مونديال 94 بأميركا، إلى جانب الحضور الدولي المتقطع لفهد الحمدان وصالح النجراني ومحمد السبيت وعادل البخيت، كما أبرز عددا من الوجوه الشابة كحمد القميزي وخالد السويلم ومحمد القرني وإبراهيم المفرج وطارق الرزقان. قلب طفل يصف محبو نادي الرياض، الأمير فيصل بن عبدالله، ب"الرجل الذي يحمل قلب طفل"، كناية لنظافة سريرته مع الجميع إلى جانب كرمه الجم. ويصف عضو مجلس الإدارة الأسبق، الدكتور صلاح السقا الأمير الراحل بأنه "كان يحضر للنادي بجيب ممتلئ بالمال ويخرج منه خالياً، إذ كان يقدم دعماً لا محدودا لجميع منسوبي النادي، ويذلل الصعاب تجاه فرق النادي، وعلى وجه الخصوص فريق كرة القدم، الذي أعاده للواجهة وصنع قاعدة له من الفئات السنية غذت الفريق الأول لسنوات طوال". مبيناً أن الفقيد "لم يبخل أبداً تجاه أي محتاج وتجاه النادي في شيء يملكه، وباع عدداً من أراضيه حتى يبقِي الرياض منافساً قوياً في الكرة السعودية". ووصف السقا، الأمير فيصل بن عبد الله ب"الرئيس الذهبي ومن أفضل من ترأس الرياض منذ تأسيسه، مضيفاً "عملت في عهد إدارته كمشرف على الفريق واستشعرت قيادته الإدارية التي صورت معنى الاحتراف الحقيقي آنذاك بتعامله مع اللاعبين". وقفات إنسانية تتصف الحياة الشخصية للفقيد بالبساطة الشديدة واحترامه الآخرين، ولم يعهد عنه أن أدار ظهره يوماً لمن يلتقيه، وهو ما أكده لاعب الفريق الأسبق ناصر الدوسري الشهير ب(سدوس)، عندما قال "وقف رحمه الله مع جميع اللاعبين وقدم لهم المال والسيارات، وحل كثيراً من مشاكلهم المالية والأسرية، ولا أتصور أن هناك رئيساً سيمر على نادي الرياض مثله"، فيما كشف مدافع الفريق الأسبق ومساعد مدرب منتخب تحت 23 الحالي أحمد زيد، عن مساندة الفقيد الدائمة للاعبين "خصص لأسرنا أنا وصالح النجراني وياسر الطائفي وزياد البيشي منازله سكناً لنا طوال 13 عاماً متصلة دون أن ندفع ريالاً واحداً كقيمة للإيجار، رغم أن المنطقة تعد موقعا استثماريا مميزا". من جهته، استذكر اللاعب السابق للفريق طلال الجبرين، أحد أبرز عناصر "الأخضر" في مونديال 94 وكان دوره في لقاء هولندا مراقبة مدرب المنتخب السعودي الحالي فرانك ريكارد، موقفاً له مع الفقيد وقال "اشتريت سيارة جديدة من جيبي الخاص وعندما علم رحمه الله بالأمر دعاني لمنزله وقدم لي شيكاً بقيمتها".