عاد فن "الموسيقى" بعد انقطاع عن الملتقيات الثقافية والفنية في الأحساء لأكثر من عقدين من الزمن. وغص المسرح بالعشرات من محبي وعشاق الشعر والموسيقى في المحافظة، متابعين أمسية شعرية وموسيقية أحياها السعوديان الشاعر علي النحوي، والمنشد أكرم المطر، مساء أول من أمس في ملتقى حسن البطران الثقافي في مدينة "العمران" التابعة للأحساء. وتضمنت الأمسية إلقاء قصائد شعرية في الحب والغزل للشاعر النحوي، و5 مقطوعات موسيقية لها ارتباط بالوطن، والأحساء والحياة. واستهل النحوي الأمسية، واصفا إياها بأنها تحمل في مضمونها ثلاثة أمور، وهي: الاحتفال بكل ما هو جميل وأنيق، والانتصار للحياة المجردة من الأوهام، ومحاولة إعادة المياه للأنهار والزهر للأشجار، مؤكداً أن من أكبر الخسائر التي وقع بها مجتمعنا المحلي هي محاربته بطريقة وأخرى لجماليات الفنون، وتعطيل حواسنا عن كل ما هو رقيق وأنيق يسهم في حياة سعيدة ومديدة، ومضى يقول "إن الأحساء كانت في سابقها تتزاحم فيها الإبداعات والفنون بكل أطيافها إلا أننا وقعنا في شباك الحرمان، وغاب عن بيوتنا كل عناصر البهجة، واختفت كل مهرجانات الفرح". وأضاف أن هذه الأمسية هي محاولة لقول كلمة أخرى بصيغة أخرى، وهي بمثابة عودة الأحساء إلى الناي والسمسمية، وعودة الأحساء إلى ما تربى عليه أبناؤنا وربوا عقولهم وقلوبهم عليه، ونمت على إيقاعه كل أنواع الحب والتسامح والابتسامة. وقرأ النحوي، خلال الأمسية نحو 14 مقطوعة شعرية، وهي: العاشقون، فسيفساء، شتاء، نوار، أغصان العنقود، تشتكي زهرة العمر، وقّع هنا، قُبلة، دُنيا، تموج الأرض بالموتى، مرايا، سيد العشاق، أعيديني إلى عينيك. وتخلل ذلك 5 مقطوعات موسيقية للمنشد المطر، وهي: • "هي الأحساء" للشاعر جاسم الصحيح، وألحان وتوزيع موسيقي أديب الجلواح. • "ما زلت أتفقد المدن التي عمّرناها" للشاعر علي النحوي، وألحان بدر محمود، وتوزيع موسيقي أحمد همداني. • "لست في الموت" للشاعر عبدالهادي عبدرب الرسول، وألحان وتوزيع موسيقي أيمن همداني. • "طفل" للشاعر علي النحوي، وألحان وتوزيع موسيقي بدر محمود. • "نور الوطن" للشاعر محمد الجلواح، وألحان وتوزيع موسيقي إبراهيم الدخيل. وبدوره، قال المسؤول الإداري في نادي الأحساء الأدبي الشاعر محمد الجلواح خلال مداخلته في ختام الأمسية، إنه يختزل كثيرا من الكلمات الجميلة في حق فارسي الأمسية، مبيناً أن النحوي أخذ في مقطوعاته الشعرية منهجا فريدا في شعراء الأحساء، وهو اعتماده على الغزل بلسان المرأة، وأن المرأة هي من تغازله وليس العكس، وأطلق على تلك المقطوعات ب "غزليات نحوية". وأشار إلى أن المنشد المطر، استعاد في هذه الأمسية ذكريات العصر الجميل في السبعينات والثمانينات الميلادية من خلال سير الكثير من الأحسائيين في هذا الطريق، الذي توقف في منتصف التسعينات الميلادية، وبه مات الفن والموسيقى الجميلة والإبداع، مطالباً المطر بمواصلة دربه وطرق أبواب الشعراء السعوديين والخليجيين والعرب لتحويل قصائدهم إلى مقطوعات موسيقية، مبدياً استعداده التام بالوقوف بجانبه لدعم موهبته، فيما وصف عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الشاعر جاسم الصحيح الأمسية ب "العرس الجميل"، بين اللحن والقصيدة، وبين الموسيقى والشعر، وأن المأذون لهما هو الحب، وتجسد ذلك الحب في السعادتين، وهما السعادة النابعة من الجمال، والسعادة الأخرى النابعة من إيمان فارسي الأمسية الكبير بما يعملانه، مشيراً إلى أن الشاعر النحوي هو نبع شعري متدفق باستمرار، فجميع مقطوعاته الشعرية في هذه الأمسية جديدة، ولم تقرأ من قبل، مبيناً أنه بالرغم من التصاقه كثيراً بالشاعر النحوي إلا أنه لم يسمع منه هذه المقطوعات إلا هذه الليلة، لافتاً إلى أن تجربته مع المنشد المطر قديمة من خلال تعاونه مسبقاً في تلحين بعض قصائده. وأبدى عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي الشاعر صالح الحربي إعجابه الكبير بالمنشد المطر، واصفاً صوته بالذي يضاهي ويتفوق على كثير من المطربين في الوطن العربي، مضيفاً أن الأحساء ولادة للكثير من المواهب الشابة، وها هي تعلن عن ولادة موهوب جديد قادم بقوة إلى الساحة الفنية في الوطن العربي. واعتبر المشرف الثقافي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في الأحساء الشاعر عبدالله العويد الأمسية "عيدية كبيرة" للحضور، سبح الجميع في سواحل كلماتها الجميلة والألحان المتناغمة، ولن تنسى لجمالها الكبير، حسب وصفه.