مفرح حبسان العمري المجاردة - خاط من مكةالمكرمة حماها الله وزادها من فضله، ومن بيت الله الحرام تهافت ملايين المسلمين لتشرق على قلوبهم نفحات العبير الزلال وأطيب، ويطوف المحب الهائم بلذة وشوق لبيت العزيز والمحبوب الدائم. انطلقت تلك القلوب الخاشعة لتتلذذ بمناجاة خالقها فتفيض تلك العيون بدموع مرسلة، واتجهت الأكف الضارعة لترتفع لخالقها رغبة أن تُلقى الأوزار وتُعفى النفوس من الآثام. فهنيئا لكم يا من لبيته ناظرون، وعلى ثرى مشاعره سائرون، ومن ماء زمزم شاربون، وبين الصفا والمروة ساعون. هنيئا لكم يا من لبستم الأبيض ملبين، ويا من حججتم بيت الله راغبين، وكنتم لثواب الله ورحمته متلهفين. هنيئا لكم يوم تركتم الأهل والبنين، وخرجتم من بيوتكم طائعين رغبة منكم لنيل الأجر والثواب، فبلغكم الله ما تريدون، وآمنكم مما تخافون، وتوجكم ربكم بالأماني فائزين. هنيئا لكم حجاج بيت الله فأنتم في ضيافة الرحمن، وما خاب ولا خسر من كانت نيته صادقة وعمله صوابا يبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. هنيئا لكم يوم تعودون وقد حطت عنكم أوزاركم وغفرت لكم خطاياكم، وأكرمكم الله من فيض عطاياه وفضله. هنيئا لكم يوم توجهتم لتلك المشاعر العظيمة بقلوب مخلصة مطمئنة تحطون بها رحالكم وتتزودون فيها من الفضل العظيم والأجر العميم. هنيئا لكم عندما تقومون بتلك البطاح التي وقف بها نبيكم الكريم صلى الله عليه وسلم وتأخذون منه مناسككم فتفعلون كما فعل. هنيئا لكم يوم تسابقتم إلى "صعيد عرفات" لتنهلوا في ذلك اليوم من أعظم النفحات ويباهي بكم ربكم سكان السماوات. هنيئا لكم عندما يتحقق لكم وعد ربكم "هؤلاء عبادي أتوني شعثا غبرا أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم" فلله ما أعظمها من مكرمة غالية من رب رحيم. هنيئا لكم وأنتم تستقرون "بمنى" لإكمال حجكم في راحة واطمئنان، وفي فرحة وسعادة قد تبادلتم التهاني بالعيد السعيد ولبستم من الثياب الجديد، فتقبل الله حجكم وبارك عليكم عيدكم. أيها الحاج الكريم إنك تتجه ببدنك وروحك إلى أشرف البقاع وأطهرها، تريد فوزا وغفرانا، وإنك ستلاقي من التعب والإرهاق ما الله به عليم، فعليك أن تتذكر وقتها أن كل من معك يريدون كما تريد، ويرغبون فيما عند الله كما ترغب، فلتكن أخلاقك عالية، وتعاملك راقيا وإن تحملت المصاعب فكن قدوة حسنة لغيرك تصب الأجر العظيم. أيها الحاج الكريم ستمر وتطأ بأرجلك على أرضٍ طاهرة نقية سُكبت فيها العبرات، وخفقت إليها القلوب، وارتفعت فيها الدعوات للسماء، فاجعل من سيرك مثالا يحتذى به لغيرك من الناس، واجعل أفعالك وأعمالك بارزة وشاهدة على وعيك وكمال عقلك، واعلم أن هذه المقدسات فضلها عظيم فهي "متنزل الرحمات، وملتقى ضيوف الله، قد حرمها الله وحماها، وجعل القصد لها ولبيته مكفرا للخطايا. أيها الحاج الكريم لقد أتيت لعبادة جليلة ستعود منها إن أديتها سليمة كاملة كيوم ولدتك أمك فاحذر أن ترتكب المناهي والمخالفات، وأن يقودك شيطانك للعبث أو التخريب، أو السباب والشتائم، وليكن همك قبول طاعتك والفوز مع الفائزين... حقق الله لك مبتغاك. هنيئا لكم حجاج بيت الله وأنتم عائدون إلى أوطانكم سالمين.. قد ظفرتم بفضل الله عليكم. تقبل الله منكم الطاعات، وأجزل لكم المثوبات، وغفر لكم الزلات، وأعادكم إلى أوطانكم وأهليكم في أتم الصحة والعافية.