فشل الكبار في ترك لمساتهم في العرس الكروي العالمي الذي شهد لحظات محرجة جدا بالنسبة للفرنسيين ومخيبة للايطاليين حاملي اللقب، فيما خرج العملاقان الآخران البرازيلي والأرجنتيني من الباب الصغير بعد أن كانا مرشحين للمنافسة على اللقب بعد عروضهما في الدورين الأول والثاني. واختلفت المعطيات في كرة القدم، فكثرت المفاجآت، ويمكن لأي منتخب مهما كانت سمعته أو حجم نجومه أن يسقط في يوم "سيء" ويودع أي بطولة كانت، لكن الوضع الذي اختبره المنتخب الفرنسي لا علاقة له بالنتائج أو بكرة القدم، وهو ترك جنوب أفريقيا مسدلاً الستار على فصل "محرج" للغاية في تاريخه وودع نهائيات 2010 من الباب الصغير بخسارة أمام نظيره الجنوب أفريقي 1-2 الذي كان أول بلد مضيف يخرج من الدور الاول. كان المنتخب الفرنسي متشرذم الصفوف تماماً بعد طرد مهاجمه نيكولا انيلكا من معسكره لإعانته المدرب ريمون دومينيك بعبارات نابية جداً خلال استراحة شوطي مباراة المكسيك، وسرب ما حصل في غرفة الملابس الى صحيفة "ليكيب" التي نشرته في صفحتها الاولى، ما دفع قائد "الديوك" باتريس ايفرا إلى الاعلان عن ضرورة التخلص من "الخائن" الذي سرب ما حصل، ثم قاد تمرداً ورفض مع زملائه التمارين احتجاجاً على طرد انيلكا فدفع الثمن باستبعاده عن التشكيلة الأساسية في المباراة الأخيرة. بدوره لم يتمكن المنتخب الايطالي حامل اللقب من تخطي الدور الأول، وأسباب اخفاق "الآزوري" كثيرة أبرزها ضعف خط الدفاع الذي كان نقطة الارتكاز عندما توج بطلاً للعالم قبل أربع سنوات حيث لم يدخل مرماه سوى هدفين، وأيضا الثقة العمياء التي وضعها المدرب مارتشيلو ليبي في بعض المخضرمين الذين توجوا باللقب في ألمانيا ولم يكونوا في مستواهم في جنوب أفريقيا. ولم تكن حال المنتخب الانجليزي أفضل بكثير فبعد أن عانى الامرين لبلوغ الدور الثاني، اعتقد الجميع انه حصل على الدفع المعنوي لتخطي عقبة غريمه الألماني في الدور الثاني، لكن ال"مانشافت" لقنه درساً قاسياً بعدما أذله 4-1، ملحقا به اقسى هزيمة في تاريخ مشاركاته في النهائيات. خيبة النجوم بخروج الأرجنتين أمام ألمانيا، ودع نجمها ليونيل ميسي النهائيات وهو يجر ذيل الخيبة لتثبت النهائيات ال19 أنها بطولة الأداء الجماعي وليس النجوم، لأن أيا من النجوم الكبار لم يقدم شيئاً يذكر. وأكبر مثال على ذلك كان البرتغالي كريستيانو رونالدو، أغلى لاعب في العالم، والذي وعد أن "يفجر" نجوميته في العرس الكروي العالمي، لكن كل ما "فجره" هو بصقة في وجه مصور تلفزيوني كان يتتبع خطاه بعد خسارة منتخب بلاده. أما الإنجليزي واين روني فكان وضعه اسوأ لانه كان على الأرجح أسوأ لاعبي منتخب بلاده حيث قدم أداء متواضعاً للغاية، وكان ظل المهاجم الذي أرعب دفاعات الخصوم وهو ودع النهائيات دون أن يسجل أي هدف بل لم يهدد حتى مرمى المنتخبات التي واجهها إلا في حفنة من المناسبات. ولم يكن وضع البرازيلي كاكا أفضل، إذ كان بمثابة الحاضر الغائب في المباريات الخمس التي خاضها منتخب بلاده، ورغم أنه كان صاحب ثلاث تمريرات حاسمة فهو لم يقدم المستوى المتوقع منه كقائد فعلي على أرض الملعب. وبالنسبة لميسي، كان أفضل من النجوم الثلاثة الآخرين، بتحركاته ولمحاته الفنية، لكنه فشل في الارتقاء الى مستوى المسؤولية التي وضعها على عاتقه مدربه في المنتخب مارادونا الذي قال علنا بان "ليو" هو خليفته، إلا أن النجم الملقب ب"البعوضة" لم ينجح في نقل التألق الملفت الذي قدمه مع فريقه الكاتالوني الى المنتخب الوطني وبقيت عروضه "خجولة". الخلاصة أن الاداء الجماعي كان الصيغة الطاغية والعنوان العريض لمونديال "أمة قوس قزح" وقد تجسد مع منتخبات ألمانيا وأسبانيا وهولندا والأورجواي. أما بالنسبة لمسألة النجوم في هذه المنتخبات فهي معادلة لمفهوم "تذويب" النفس لخدمة الجماعية وإن كان كل من هؤلاء المنتخبات يملك لاعبين لا يقلون شأنا على الإطلاق عن رونالدو وكاكا وروني وميسي، مثل توماس مولر ودافيد فيا وتشافي هرنانديز وأندريس انييستا وفورلان.