حرك مقال للكاتب عبدالرحمن العكيمي المياه الراكدة بعد أن أثنى على تجربة الدكتور سحمي الهاجري في قيادته جائزة حائل للرواية في نسختها الثانية، وربط نجاحه بكونه كان مديرا لديوان الخدمة المدنية بجدة، فيما تساءلت الدكتورة لمياء باعشن بعد قراءة المقال "ليت العكيمي وضح لنا ما علاقة ديوان الخدمة المدنية بجائزة للرواية؟"، فيما أكد أمين جائزة نادي أدبي حائل للرواية في نسختها الأولى عبدالله الحربي بأن ما ينجح الجائزة أهمية الأعمال والأسماء المشاركة فيها، إضافة إلى لجنة تحكيم موثوقة. من جهته قال عبدالرحمن العكيمي ل "الوطن": إنه لا يقدم تقييما ولا تقويما للنسخة الأولى ولا للنسخة الثانية من الجائزة في مقاله الذي نشر مؤخرا، وأوضح "قدمت رأيا خاصا بوصفي متابعا للمشهد الثقافي، وقد أثارني حقا كمية الضجيج في النسخة الأولى التي صاحبت إعلان نتائج الجائزة، وحجم ردود الأفعال من روائيين وكتّاب، وهذا مؤشر يقدم لنا دلالات وأبعادا كثيرة، ففي النسخة الأولى عرف الجميع أعضاء لجنة التحكيم منذ أن أعلنت القائمة القصيرة، ولا أعلم هنا عن لائحة الجائزة هل تتيح إعلان أسماء لجنة التحكيم أم لا؟ كذلك التسريبات الكثيرة التي حاصرت عمل الجائزة ووصلت للصحافة والإعلام ما أفقد الجائزة الكثير من الهيبة التي يجب أن تتسم بها مثل تلك الجوائز"، مستدركا بقوله "لكن هذا يبدو طبيعيا كونها النسخة الأولى ويحسب لنادي حائل الأدبي في تلك الفترة أنه أسس جائزة خاصة للرواية تعد الأولى على مستوى الأندية الأدبية، وكنت فخورا بأمينها السابق صديقي عبدالله بن مقبل الحربي". وبين العكيمي أنه حاول الإجابة عن تساؤل: لماذا تميزت النسخة الثانية من الجائزة بكل هذا الهدوء ودون احتجاج على ما أفضت إليه؟ ولماذا لم نسمع أصواتا مثيرة كالتي خرجت إبان النسخة الأولى ؟، مؤكدا في جوابه بأن الجائزة في نسختها الثانية حظيت بأمين قيادي مهني جاد هو الدكتور سحمي الهاجري، فالجوائز الثقافية عمل مؤسساتي إداري محكم قبل أن يكون عملا ثقافيا. وعن تغريدة لمياء باعشن في تويتر قال العكيمي "جاءت محتجة بعض الشيء فهي ربما فهمت من مقالي أنني أقارن بين لجنتي التحكيم في النسخة الأولى والنسخة الثانية أو أنني أقلل من مهنية الأولى وهو ما ظهر في تغريداتها وتعليقاتها، ولم أتطرق لذلك ولن أتطرق إليه حتى فيما بعد إن شاء الله؛ لأن هذا أمر ليس باليسير ولست معنيا بذلك، ولن يختلف أحد على كفاءة ومهنية الدكتورة باعشن وأعضاء اللجنة". وختم العكيمي بسؤال: أين كمية الصراخ والاحتجاج والاتهام وما إلى ذلك كالتي خرجت إبان النسخة الأولى للجائزة، في هذه النسخة؟ وهو سؤال مشروع لمتابع للمشهد الثقافي، والآن نحن أمام نتائج عملية واضحة للعيان وهي الفيصل في هذا المسألة، ومجمل القول أنني حاولت استثمار ذلك الحدث الثقافي والأدبي لأطالب بوجود الإداري والقيادي الفذ داخل المؤسسات الثقافية، وحين يجتمع ذلك الإداري مع المثقف في شخصية واحدة فإنه يكون نورا على نور.. وسيظل الاختلاف والجدل على الجوائز الإبداعية ولجان التحكيم موجودا ولكن بنسب تتفاوت من مشهد لآخر. من جانبها رأت الدكتورة لمياء باعشن أنه من حق العكيمي أن يبدي إعجابه بمن يشاء ومن يستحق من وجهة نظره، لكن أن يأتي هذا الإعجاب بصيغة مزدوجة ظاهرها المديح وباطنها الذم الجارح فهذا أمر يستحق الوقوف عنده والتوضيح دون مواربة، وقالت "أنا لا أتحفظ على جدارة الدكتور سحمي الهاجري بالإعجاب ولا على كونه "قيادي مهني جاد وصادق ومثقف منتج وإداري فذ"، لكن هذا المديح يأتي في سياق مقارنة عمله كأمين لجائزة للرواية مع عمل غيره لنفس الجائزة في وقت سابق، وهنا لا بد من وضع الأمور في قياس منطقي يستوضح حقيقة هذا الرأي"، وتكمل بقولها "في المقال يتنقل العكيمي بين أكثر من عنصر للطرح: فمن أهمية الخبرة الإدارية للدكتور الهاجري في إنجاح مسابقة الرواية، إلى أهمية اقتران تلك الخبرة الإدارية بخلفية ثقافية عميقة أيضاً، فهل يريد العكيمي إدارياً أم إدارياً مثقفاً كذلك؟ أم يريد "إدارياً قيادياً ناجحاً" بالتحديد، أي إداري سبق له النجاح المشهود؟"، وتابعت باعشن: العكيمي قفز إلى مقارنة فشل الجائزة في نسختها الأولى بنجاحها في نسختها الثانية فقط على أساس عنصر واحد وهو الضجيج الذي صاحب الأولى، فهل يعني ذلك أن الجوائز التي لا تحدث أصداءً عالية أكثر نجاحاً من تلك التي يصاحبها الضوضاء؟ هل يعتقد فعلاً أن هذا هو المقياس الوحيد الذي يجب الاحتكام إليه: هدوء يساوي مهنية عالية، وضجيج يساوي لا مهنية وسوء إدارة؟، العكيمي انتقل أيضا إلى مسألة أوسع وهي أهمية وجود إداريين في مجالس الأندية الأدبية متجاهلاً أن الدكتور الهاجري نفسه كان من ضمن أعضاء مجلس إدارة نادي جدة لمدة طويلة، فما قيمة اقتراحه بأن يشارك في إدارة المؤسسات الثقافية رجال إدارة يعرفون جيداً معنى العمل الإداري وروح الفريق؟، الخبرة الإدارية أصناف وأنواع ولذلك سألت العكيمي في التغريدة عن الرابط بين الخدمة المدنية والجائزة، فالأكاديميون مثلاً لديهم خبرات إدارية واسعة في المؤسسات التعليمية، فهم يديرون لجانا وأقساما وكليات بل وجامعات، أفلا تحسب لهم كخبرة إدارية؟ وعلى ذلك فهل نشترط الإدارة المدنية فقط لتسيير أعمال الأندية الثقافية؟، العكيمي اعترض على سوء إدارة الجائزة في نسختها الأولى لأنها تسببت في إثارة الضجيج لكنه لا يوجه اللوم لمن أثار الضجيج، وكان الأجدى أن يسأل لماذا لم ترتفع أصوات غير الفائزين بالاعتراض والطعن والتشكيك كما تطاول الروائيون الأشاوس الذين صرخوا سابقاً وأهانوا وجرّحوا دون لياقة؟ لماذا قوبل حكم هذه اللجنة بالصمت والرضا؟ ألأن الدكتور الهاجري أدار الجائزة بمهارة إدارية عالية مثلاً؟، وقالت "من حقنا بأمانة أن نسأله إذاً: كيف تم له ذلك تماماً، أي ما هو الفعل الإداري السحري الذي أصمت الخاسرين"، وتضيف "إن كان العكيمي ينتقص من مهنية اللجنة السابقة التي كنت رئيسة لها بمدحه الأمين الحالي فهذه مغالطة واضحة؛ لأن الهاجري هو أمين اللجنة وليس رئيسها، والمقابل له في نسخة الجائزة الأولى هو عبدالله الحربي عضو مجلس إدارة النادي سابقا"، موضحة بأن المسميات عند العكيمي كلها مغلوطة: فمسمى الهاجري والحربي هو الأمين العام للجائزة وليس "أمين سر الجائزة"، ومسمى الجائزة هو مسابقة جائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن للرواية التي ينظمها نادي حائل الأدبي، وليس "جائزة نادي حائل"، وعمل اللجنة هو نقدي تحكيمي بحت ولا علاقة له بالإدارة لا من قريب ولا من بعيد، وتختم باعشن حديثها "هذه اللجنة الجديدة بأعضائها وأمينها ساروا على خطى اللجنة الأولى تماماً: أعلنوا عن الجائزة وعن شروطها، واستقبلوا الأعمال الروائية وقاموا بتحكيمها نقدياً، وأعلنوا عن القائمة الطويلة، ثم أعلنوا عن القائمة القصيرة، ثم أظهروا النتيجة، لم تحد الإدارة الجديدة عن القديمة ولا خطوة واحدة، سوى تسريب أسماء أعضاء لجنة التحكيم عكس رغبة النادي، ربما كان السبب الرئيس في الهجوم الشرس هو ظهور نقاد لهم أسماء ووجوه، وهذه المرة لم يعرف أصحاب الأعمال من هم المحكمون ولذلك لم يهاجموا مجهولين". أمين جائزة أدبي حائل للرواية سابقا عبدالله الحربي ذهب إلى أن الضجيج الذي ظهر مع النسخة الأولى من الجائزة ربما كان مقصودا لإضفاء مزيد من الإثارة التي بالتأكيد كانت الجائزة بحاجة إليها في دورتها الأولى، ويضيف "ربما كانت الأسماء المشاركة في الدورة الأولى قريبة من الأضواء أكثر"، وعن اقتراح العكيمي بأن يقود الأندية الأدبية الإداريون أكثر من المثقفين، قال الحربي "ما ينجح الجائزة هو أهمية الأعمال والأسماء المشاركة فيها، إضافة إلى لجنة تحكيم موثوقة، وما يبقى بعد ذلك أمور تنظيمية وإدارية من السهل على النادي توفير من يقوم بها، ليست بحاجة إلى أشخاص بمواصفات خاصة"، وبسؤاله عن رأيه في النسخة الثانية من الجائزة، وهل فشلوا في النسخة الأولى من الجائزة أجاب "اعتقدنا أننا في المجلس السابق مدينون بالشكر للمجلس الحالي، على ما قاموا به تجاه الجائزة، كنا خائفين من تجاهل هذه الجائزة ولكنهم أتموا ما قمنا به بأفضل ما يمكن"، ويكمل "أما بالنسبة للجائزة في دورتها الأولى فاعتقد أنها نجحت نجاحا باهرا استطاعت جذب أسماء مهمة للمشاركة وحظيت بلجنة تحكيم مرموقة، وحققت جل أهدافها، فأين الفشل؟".