جاء إعلان نتائج جائزة نادي حائل الأدبي للرواية قبل أيام في نسختها الثانية، دون أن نسمع ذلك الضجيج المزعج الذي رافق إعلان نتائج الجائزة في نسختها الأولى، وكمية الصراخ الذي صاحب الجائزة في ذلك الوقت، وعدد الأصوات التي اعترضت عليها وشككت في نزاهة ومهنية اللجنة آنذاك، والسؤال الذي يطل برأسه هنا: لماذا ظهرت هذه النسخة من الجائزة بكل هذا الهدوء ودون احتجاج على ما أفضت إليه الجائزة؟ ولماذا لم نسمع أصواتا مثيرة تخرج كالتي خرجت إبان النسخة الأولى للجائزة، والتي تعد الأولى على مستوى الرواية في هذا الوطن المترامي؟. وإجابة سؤال كهذا هي أن الجائزة حظيت بأمين قيادي مهني جاد وصادق، فالجوائز الثقافية عمل مؤسساتي قبل أن يكون عملا ثقافيا، فأمين سر هذه الجائزة هو الدكتور سحمي الهاجري، مثقف منتج وإداري فذ، وقد شرفت بلقائه لقاء عابرا في ملتقى المثقفين السعوديين الفائت، وسمعته متحدثا في الإيوان الثقافي المقام على هامش فعاليات الملتقى، وقرأت كتابه (جدلية المتن والتشكيل الطفرة الروائية في السعودية)، وبحسب ما أعرفه، فهذا الرجل كان مديرا لإحدى الدوائر الحكومية في مدينة جدة قبل أن يتقاعد مؤخرا، فتجربته في الإدارة كان لها الدور الكبير جدا في إيصال هذه النسخة من جائزة أدبي حائل للرواية إلى شط الأمان، دون صراخ أو ضوضاء، ودون أن تداهمنا تلك الآراء المشككة في نزاهة الآخرين، فالهدوء كان سيد الموقف، وكان النجاح الكبير لجائزة حائل للرواية. إن وجود الإداري الناجح في المؤسسة الثقافية يبدو مطلبا ملحا؛ كي تتجاوز تلك المؤسسات الكثير من الإشكاليات، هنا، يمكن أن نطرح اقتراحا يساعد في تجاوز الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون لمأزق الإدارة التي فشل الأغلب فيها، ونستلهم من جائزة نادي أدبي حائل ذلك الاقتراح، فلماذا لا يشارك في إدارة المؤسسات الثقافية رجال إدارة يعرفون جيدا معنى العمل الإداري وروح الفريق، ويساهم المثقفون في طرح الأفكار؟ فالمثقف عادة ما يجيد التنظير وطرح الأفكار، لكنه ربما يفشل عادة في تنفيذ تلك الأفكار، فالمجالس الاستشارية في الأندية الأدبية فكرة جديرة بالاهتمام،خصوصا أن الجمعيات العمومية بحاجة إلى إعادة النظر من جديد، فيكون هناك مجلس استشاري في كل نادٍ أدبي، يضم نخبة من مثقفي المنطقة، يقومون بالمشاركة في صياغة وطرح البرامج والفعاليات والأفكار التي تساهم في خلق حراك ثقافي يغير في وعي المجتمع، فالإدارة الناجحة ستقود العمل الثقافي إلى النجاح. وستغيب دون شك تلك الصراعات التي عادة تنشأ في المؤسسات الثقافية، إذا نجحت تلك المؤسسات في استقطاب القائد الإداري الناجح، وأوكلت إليه تنفيذ البرامج التي تخدم العمل الثقافي. ورقة أخيرة: الريح لا تنحني إلا لشجرة خرافية الطلع.. وأنثى مجازية الفصول ترتل ابتهالات الغياب [email protected]