بدأت هيئات الاستخبارات وإنفاذ القانون التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) تحقيقات واسعة في تسريبات يُعتقد أنها تتعلق بالأمن القومي، وسط احتمال إخضاع موظفي الوزارة لاختبارات كشف الكذب، في أحدث خطوة تتخذها إدارة ترمب لمكافحة التسريبات غير المصرح بها. الإجراءات القانونية أفادت مذكرة صادرة عن رئيس أركان وزير الدفاع، بيت هيغسيث، بوجود «إفصاحات غير مصرح بها أخيرًا» دون تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة المعلومات المسربة أو الجهات المتورطة، وذلك بالتزامن مع نفي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تقارير زعمت أن مستشاره إيلون ماسك قد يُطلع على خطط الولاياتالمتحدة لخوض صراع افتراضي مع الصين. وأكدت المذكرة أن أي معلومات تقود إلى تحديد المسؤول عن التسريب ستُحال إلى «الكيان الجنائي المناسب»، لمتابعة الإجراءات القانونية. تسريبات استخباراتية من جهتها، أعلنت وزارة العدل الأمريكية فتح تحقيق حول «تسريب انتقائي لمعلومات غير دقيقة لكنها سرية» من وكالات الاستخبارات بشأن عصابة «ترين دي أراغوا» الفنزويلية، التي تستهدفها إدارة ترمب بعمليات أمنية داخل الولاياتالمتحدة. يُذكر أن التسريبات ليست ظاهرة جديدة، إذ تكررت في إدارات سابقة، وغالبًا ما يكون مصدرها مسؤولين حكوميين يسعون إلى اختبار ردود الفعل تجاه قرارات سياسية محتملة. اختبارات كشف الكذب على الرغم من أن اختبارات كشف الكذب تُستخدم على نطاق واسع في وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية، ولإصدار التصاريح الأمنية، فإن المحاكم الأمريكية، بما فيها المحكمة العليا، رفضت قبول نتائجها كأدلة منذ عام 1998، مشيرة إلى عدم موثوقيتها. في هذا السياق، قال جورج ماشكي، المحقق السابق في الجيش وضابط المخابرات الاحتياطي، الذي أسس موقع AntiPolygraph.org، إن هذه الاختبارات غالبًا ما تعطي نتائج إيجابية خاطئة، وقد استخدمت منذ تسعينيات القرن الماضي لتخويف المصادر وردعها عن التحدث إلى الصحافة. خطط التوسيع أشار تقرير صادر عن «بنتاغون» عام 1999 إلى خطط الوزارة لتوسيع استخدام اختبارات كشف الكذب، لتشمل أفراد الدفاع، في محاولة للحد من تسريب المعلومات السرية. وبينما تستمر التحقيقات، يظل السؤال مطروحًا حول فعالية هذه الإجراءات في الحد من التسريبات، ومدى تأثيرها على حرية تداول المعلومات داخل المؤسسات الحكومية. تسريبات سابقة شهدت الولاياتالمتحدة تسريبات أمنية عدة بارزة على مدى العقود الماضية، أثارت جدلًا واسعًا، وأثرت على السياسة الداخلية والخارجية. من بين هذه التسريبات ما كشفه إدوارد سنودن عام 2013 عندما سرب وثائق سرية من وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) توضح برامج المراقبة الجماعية التي تستهدف مواطنين أمريكيين وأجانب، مما أدى إلى نقاش عالمي حول الخصوصية والأمن القومي. وفي عام 2010، نشرت منظمة «ويكيليكس» آلاف الوثائق الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية المسربة، التي تضمنت تقارير حساسة عن الحروب في العراق وأفغانستان، مما تسبب في توتر دبلوماسي كبير بين واشنطن وحلفائها. أبرز التسريبات الأمنية في تاريخ الولاياتالمتحدة: 1. تسريبات أوراق بنتاجون (1971): • كشف دانيال إلسبرج وثائق سرية حول حرب فيتنام. • أظهرت تضليل الحكومة الأمريكية الرأي العام بشأن الحرب. 2. فضيحة إيران-كونترا (1986): • تسريب وثائق تثبت تورط إدارة ريغان في بيع أسلحة لإيران سرًا. • استخدمت العائدات لدعم متمردي الكونترا في نيكاراغوا. 3. تسريبات ويكيليكس (2010):• نشر أكثر من 250 ألف وثيقة دبلوماسية أمريكية سرية. • تضمنت تقارير عن الحروب في العراق وأفغانستان وسلوك الدبلوماسية الأمريكية. 4. تسريبات إدوارد سنودن (2013):• كشف عن برامج المراقبة الجماعية لوكالة الأمن القومي (NSA). • أثارت جدلًا عالميًا حول الخصوصية والتجسس الحكومي. 5. تسريبات شادو بروكرز (2016):• مجموعة قرصنة سرّبت أدوات تجسس إلكترونية من وكالة الأمن القومي. • استُخدمت بعض الأدوات في هجمات إلكترونية كبرى، مثل فيروس «واناكراي». 6. تسريبات تشيلسي مانينغ (2010):• مجندة سابقة في الجيش الأمريكي سربت وثائق عسكرية حساسة إلى «ويكيليكس». • تضمنت فيديوهات لقتل مدنيين في العراق وتقارير دبلوماسية سرية. 7. تسريبات جاك تيشيرا (2023):• تسريب وثائق استخباراتية سرية تتعلق بالحرب في أوكرانيا وعلاقات أمريكا مع حلفائها. • نشرها على منصة «ديسكورد»، مما أدى إلى اعتقاله بتهم تتعلق بالأمن القومي. التداعيات: • أدت هذه التسريبات إلى تغييرات في سياسات الأمن القومي والمراقبة. • تم تشديد العقوبات على المسربين، وتعزيز أنظمة الحماية للمعلومات السرية. • بعضها أثر على العلاقات الدبلوماسية الأمريكية وأدى إلى أزمات سياسية.