تركزت الثورات البركانية في المملكة بالمنطقة الغربية وسهول البحر الأحمر، وتعرف الحقول البركانية في السعودية ب"الحرات" وتغطي حوالي 90 كم2 مثل حرة خيبر وحرة رهط وحرة كشب وحرة الحرة وحرة عويرض وحرة السراة التي تعتبر أقدم الحرات بالمملكة. وتكونت معظم الحرات البركانية في المرحلة الأولى من النشاط البركاني والمتزامنة مع انفتاح البحر الأحمر وكانت غير نشطه في البداية، وتعتبر الحرات البركانية الحديثة التي تكونت في المرحلة الثانية من النشاط البركاني بالمنطقة الممتدة من شمال مكة وحتى جنوبالمدينةالمنورة نشطة إذا ما قورنت بالعمر الجيولوجي، حيث تشتمل المنطقة على براكين تاريخية حدثت خلال 6000 سنة الماضية، والتي تركزت في الجزء الشمالي من حرة رهاط (جنوبالمدينةالمنورة) حيث حدث 11 ثوران بركاني تاريخي كان أخرها الثوران البركاني الذي حدث في الجزء الشمالي من حرة رهاط عام 654 ه الموافق 1256 م، أدى إلى تكون عدد من براكين السكوريا، وصاحب هذا الثوران تدفق للحمم البازلتية التي اقتربت حتى مسافة 12 كم من المدينةالمنورة. وقد تم توثيق هذا البركان بصورة جيدة في بعض المخطوطات وكُتب التاريخ، حيث سبق الثوران البركاني بعدّة أيام، وقوع عدّة زلازل قوية، بدأت في أول جمادي الآخر عام 654 ه الموافق 1256 م. في البداية كانت الزلازل ضعيفة، ولم يشعر بها معظم الأهالي، ثم اشتدت الهزات في الأيام التالية حتى وصلت إلى (18) هزة أرضية، وقد صاحب الزلزال الرئيسي ظهور سحب من الدخان الأسود وغطت النيران الأفق شرقي المدينةالمنورة، وقد استمر هذا النشاط البركاني 52 يوماً. كما تدل الشواهد الجيولوجية ومنها براكين السكوريا والطفوح البازلتية الحديثة المتكونة في عدد من الحرات، ومنها حرة الشاقة، بأنها تكونت في أزمنة تاريخية مماثلة، أي ربما قبل ألف إلى ألفي عام من الآن. والحرات البركانية تغطي مساحات شاسعة من المملكة وتنتمي إلى حقب الحياة الحديثة، ويرتبط تكون معظمها بانفتاح أخدود البحر الأحمر، وتوجد هذه الحقول البركانية في الجهة الغربية من الصفيحة العربية، التي انفصلت عن الصفيحة الأفريقية على طول أخدود البحر الأحمر، وقد حدث داخل الصفيحة العربية والبحر الأحمر، ما يقرب من (21) ثوراناً بركانياً تاريخياً في شبه الجزيرة العربية، ومنها الثوران البركاني في جبل الطير جنوبالبحر الأحمر عام 2007م. وتتميز حرات المملكة بشكل عام، بأنها تكونت نتيجة نشاط بركاني يُعرف بأنه "نشاط أحادي التكوين" والذي يعني، أن الثوران البركاني، (وخصوصاً براكين السكوريا)، يحدث مرة واحدة في فترة زمنية معينة، وفي مكان معين، ثم ينتهي، كما حدث في الثوران التاريخي في حرة رهاط بالمدينةالمنورة سنة (654ه)، ولا يعود أو يتكرر النشاط من هذه البراكين مرة أخرى، وأن أي نشاط آخر مستقبلي سوف يحدث في مكان آخر، مكوناً صهارة وبراكين جديدة وهكذا، وتتواجد في بعض الحرات أشكال بركانية أخرى ولكن بنسبة قليلة، مثل حلقات الفتات وفوهات المار (فوهات منخفضة داخل الأرض) وقباب بركانية، يتراوح تركيب الصخور المكونة لها من البازلت وحتى التراكيت والريولايت. تتكون الحرات البركانية في غالبها من تتابعات من اللابات والحمم البازلتية المتراصّة فوق بعضها، مكونةً الشكل الطبوغرافي المميز للحرات، التي تظهر على شكل هضاب بركانية. نشأت هذه الحمم البازلتية من انسياب اللابات، عبر شقوق أرضية تظهر الآن على سطح الأرض، على هيئة أعداد ضخمة من براكين السكوريا، التي تتراص على شكل أحزمة يغلب عليها الاتجاه الشمالي- الجنوبي، أو الشمالي الغربي- الجنوبي الشرقي، مع وجود أحزمة في بعض الحرات وبنسبة قليلة في اتجاهات أخرى. أما أهم المظاهر والأشكال البركانية السائدة فهي اللابات البازلتية التي تنساب بعد تدفقها ببطء لمسافات تصل أحيانا إلى (25 كم) من المصدر، ومن أهم الأشكال البركانية الأخرى براكين السكوريا، التي تنتشر بكثافة في الحرات البركانية، ويصل ارتفاعها إلى (200-250م)، وتتكون نتيجة لثورانات بركانية يُطلق عليها اسم الثورانات السترومبولية، نسبة إلى بركان (سترومبولي) في إيطاليا، وتتميز هذه الثورانات بأنها الأقل عُنفاً بمقارنتها مع الانفجارات البركانية الأخرى، حيث يصل ارتفاع سحابة الفتات البركاني مع الغازات إلى 2 كم.