الإفتاء من دون علم منكر عظيم وقول خطير، فربط اللسان عن الفتوى مطلب شرعي لكي لا يتجرأ المسلم على ما ليس له به علم، ويقع في المحذور ويهلك نفسه ومن أفتاه . فهناك الكثير من الزواجر والنواهي التي تنهانا عن الفتوى بغير علم، فقد ورد في الحديث أن النبي عليه الصلاة السلام قال: "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار". ومن أفتى بغير علم كان عليه أثم كل ما يترتب على فتواه، من مخالفة للشرع ولا يعلم إلى أين تصل فتواه ،وكم من يعمل بها. فربما عمل بها سنوات عديدة لأن قائلها ظن أنها الصواب فهي بنيت على الظن، ومع مرور الأيام أكتشف قائلها أنها خلاف الصواب وما أمر الله به. وأنا هنا أخص حديثي من لا يتورع عن الفتوى في المجالس والرحلات ووسائل التواصل الاجتماعي، من دون أن يستند على دليل شرعي، أو ينقل فتوى العالم الثقة، أو يسأل أهل الذكر وينقل عنهم، بل يفتي من باب الظن، فيقول أظنه حلالا أو أظنه حراما أو -على ما أعتقد- يجوز. وأحيانا يجزم بأنه الفعل جائز، وكأن الفتوى رأي يقبل وجهة النظر أو الحدس. فالموضوع جد خطير ويحتاج إلى كف النفس عن الحديث في الأحكام الشرعية بمجرد الظن حتى لو وافق ظن القائل الصواب، قال الله تعالى [ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ] . إذا كنت لا تعلم الحكم الشرعي في مسألة طرحت، فتعلم وعود نفسك على قول لا "أدري"، فإن كلمة لا أدري فقه يفتي به كبار العلماء على مر العصور، ومما قيل في ذلك "من قال لا أدري فقد أفتى". كما أن البعض يحرج من قول لا أعلم وأجتهد على حسب ظنه، ولا يعذر بالاجتهاد في زمن العلم فيه في متناول الجميع. ففتاوي كبار العلماء بالتفصيل في بطون الكتب، وعلى الشبكة العنكبوتية، وبها مخرج من الحرج، أو أخذ الفتوى من مصدرها بسؤال أهل الذكر. عموما .. من تغلب على هوى نفسه ونصب أمام عينيه مخافة الله وقال بكل ثقة لا أدري، فقد حاز ثلث العلم ،فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: العلم ثلاثة: كتاب ناطق وسنة ماضية ولا أدري.