أثناء جائحة «كوفيد19»، شهد العالم تغيرات وتحولات في مختلف جوانب الحياة، لعل أبرزها الصحة والسلامة. حيث ازداد الاهتمام بالنظافة الشخصية والصحة العامة، وتبنت الجهات الحكومية إجراءات مشددة لمكافحة الأمراض المعدية، وتعزيز النظام الصحي خلال الجائحة. ثم ما إن تجاوزناها -ولله الحمد- حتى بدأ الطبع يغلب التطبع، وأخذ منحنى الاهتمام بالإجراءات الاحترازية والنظافة ينزل تدريجيًا وكأن شيئًا لم يكن. بعدها أغفل الناس بقصد أو بغير قصد التغييرات الاجتماعية التي حدثت في فترة الوباء، وتغيرت أولوياتهم ومبادئهم في ما يتعلق بأمور كثيرة حتى تأثرت الصحة العقلية والاجتماعية. وبطبيعة الحال تأثر الاقتصاد والقطاع التجاري وما يشمله من مطاعم ومقاهٍ. والآن فاحت رائحة أزمة صحية أخرى وانتشرت، تتلخص بتسمم مجموعة من الأشخاص من مصدر واحد بحسب البيان الصحفي الذي نشرته أمانة منطقة الرياض. لن أعلق على الأزمة وتفاصيلها فلها مختصوها وأشبعت طرحا في شبكات التواصل الاجتماعي. لكن وكأي أزمة لا بد أن يكون أحد مكوناتها الأساسية الإشاعات، ومع الأسف أن وقود هذه الإشاعات مبادئ غير أخلاقية، وتساهل في الإضرار للآخرين بسمعتهم وأخلاقهم. فبيان الأمانة كان واضحًا وواضحًا جدًا، فلماذا سرد قائمة من مطاعم مختلفة وتشويه سمعتها وتناقلها عبر مصدر الإشاعات الأول وهو الواتساب؟ وبطبيعة الحال مع انتشار الشائعات تنتشر حالة الخوف والترهيب، وعدم الثقة في قطاع المطاعم على وجه العموم، والمستثمرين ورجال الأعمال السعوديين على وجه الخصوص. ومثلما حدث مع الجائحة يحدث الآن تمامًا حيث ينقسم الناس ما بين متساهل مستهتر، وما بين متزمت خائف لحد الوسوسة. ثم سيبدأ الناس بالحرص أكثر، والمطاعم كذلك بدورها ستضاعف من اهتمامها بالنظافة، وستتغنى في حملاتها الإعلانية بوتر النظافة وأنها مختلفة عن غيرها بجودة الأطعمة، وكأنها تتشفى بطريقة أكثر أناقة، ثم ما إن ينزل منحنى الأزمة ويعود الناس والمطاعم للوضع العشوائي السابق! اليوم كل الحملات الإعلانية في قطاع الأطعمة سيكون محورها الوحيد هو (حملة تجديد الثقة)، ومعالجة أزمة، وستتأجل كل الحملات التي تعلن وتستهدف منتجًا جديدًا، حتى إشعار آخر لحين هدوء عاصفة الأزمة. وكما ترددت كثيرًا جملة «أن الحياة ما قبل أزمة كورونا ليست كما هي بعدها»، ستكون هذه الجملة متزامنة بعد أزمة التسمم ولو لفترة محددة. ويبقى السؤال الأهم هو: من سيتغير في هذه الأزمة سلوك المطاعم أم سلوك الناس أو لا أحد؟