إن حصر شخصيات التاريخ الإسلامي تحت إطار المذهبية جعل من العقل تلقائي التبجيل لشخصيات الطائفة الناشئ فيها، فالعقل الخاضع تحت تأثير المذهبية يعتمد على مرجعية نصية لها قداسة اعتبارية في ذاته وعليه تتشكل قداسة الشخصية. وعليه ارتبطت قيمة الحدث التاريخي بناءا على تصنيف رتبة الشخصية في الذهن المذهبي فإن كان الحدث يستمد حضوره من الشخصية، فإن النص المستمد من كتب الإعتماد المذهبي هو الداعم الرئيس لفرض قداسة الشخصية. فنلاحظ سيادة شخصية في ذاك المذهب بينما الشخصية ذاتها تهمش في المذهب الآخر، وهذا محل إشكال لعدم تفعيل الشخصيات الإسلامية في العقل الإسلامي على حد سواء دون ارتباط الشخصية في المذهبية. فالعقل التقليدي يحاط بالشخصيات التي يتبناها مذهبه، بينما العقل الحيادي هو الذي يتناول الشخصيات بعيدا عن إطار المذهبية من غلو أو إجحاف. فإن كان الإشكال أن لكل طائفة نص ديني مرجعي خاص بها و مصدر تاريخي موثوق اعتبارياً عندها، فلن نصل للحيادية بطرح الشخصيات الإسلامية إلا بالتخلص من فرز الشخصية بناءا على المذهبية. والحيادية في دراسة الشخصيات التاريخية من شتى المصادر والتحقيق في النص وتخليصها من العصبية المذهبية هو اساس العدل. فإن كان الإنسان المعاصر اليوم على الأقل هو أقل تعصب للمذهبية، ولعل أحد الأسباب هو تطور المكان والزمان حتماً كان له التأثير المباشر على العقل وإشغاله عن الإبحار في التاريخ الإسلامي، وبالتالي نلاحظ ابتعاده غير المقصود عن جدليات المذاهب وتقوقع على ما حصل عليه من موروث مذهبي والإكتفاء بالعمل بواجبات الإسلام المحاسب عليها، وغض الطرف عن الشخصيات ترك الأمر لأهل الإختصاص، فهو يرى أن العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر جاهلاً أن دراسة الشخصيات التاريخية بحيادية منفعة إيمانية، وتعظيم من شأن الإسلام الذي هذّب من شخص الإنسان. فالتاريخ الإسلامي وما يشمل من شخصيات ودول وصراعات هو جزء من الهوية الإسلامية، ومكمل للثقافة الإسلامية.