الأحساء ولادة بالإبداع، ناهيك عن الجوانب المترعة والمتأصلة فيها منذ صدر الإسلام الأول، كالعلم، والشعر، والمدارس المتعددة، والأدب،، وجودة التمور، وخصوبة الأرض، وحضارة المشهد، ونقاء الإنسان في مقامها الأول. فكم فنانٍ (حساويٍ) اشترك ومن لم يشترك بهذا المسلسل الأحسائي الضخم (خيوط المعازيب)؛ مقارنة بالقائمة التي أمام عيني الآن؛ والقائمة تطول وتطول من الأسماء اللامعة للأجيال الثلاثة في الأفلام القصيرة والطويلة والسينما وحصد الجوائز وتمثيل الوطن. الأهم حضور معظم أحياء الهفوف القديمة، والتي تتكون من فريج الكوت، والنعاثل الغربي، والنعاثل الشرقي، والرفعة الجنوبية، والرفعة الوسطى، والرفعة الشمالية، يعملون في الزراعة، والبناء، والحلاقة، والحياكة، وخياطة البشوت، وذبح الذباح، وصناعة الفخار (الغراريش)، وطبخ الولائم، وكذلك الحدادة، والنجارة، والصفارة، وصياغة الذهب والفضة، والتجارة إذا ما ربطنا على عتبات المسلسل سوق القيصرية وميناء العقير في الأحساء. الأمر الجميل والمغفول عنه، بأن المسلسل سلط المجهر على حياة الفرد، واللهجات لكل بيت وأسرة، والعبارات المنسية، وطرق الخير، والطيبة، وآثار القراءة، وكذلك الجوانب المخفية والمغيبة؛ والتي يخشى البعض التطرق لها من ناحية الظلم والتعسف، وربما الدونية، والاستغلالية، والطبقية لحرفة أو مهنة واحدة، ناهيك عن الأخرى، وأيضاً الجوانب المعيشية وما لها وما عليها في تلك الحقبة الزمنية. باعتقادي أن هذا المسلسل أي خيوط المعازيب اختصر المسافة والضوء لكل مبدع، وشاعرٍ، وممثلٍ، وقاصٍ، وروائيٍ، (وسيناريست)، وكل صاحب فنٍ وعطاء، بأن يشتغل على نفسه أكثر بالتدوين والتأليف والظهور؛ أفضل من الركض خلف الظواهر الصوتية التي ظهرت بعد نجاح هذا المسلسل الوطني العملاق بتأثيره وحضوره؛ ليس على المشهد المحلي فحسب، بل دخلت قفشاته ومجرياته كل بيتٍ عربي وغربي ومغترب. مع الشكر الجزيل لكل من خلد الزمان والمكان بهذا المسلسل الوطني الكبير، والذي نفخر دوماً بمن كتب حلقاته، وأعد ورشته، ونجومه، ومن كتب أغنيته، ومسماه، ومن لحنه، ومن غناه، ومن سهر على راحة أفراده، ومن دعمه، ومن أنتجه، ومن بث روحه، ومن أخرجه لنا بهذا الثوب الراقي والجميل.