قصة اختفاء من المشهد العام، مؤامرات متوقعة، ومحاولة اختراق خصوصية مريض، معظمنا قرأ وترك العنان لمخيلته، ماذا عساه أن يكون مصير أميرة ويلز البريطانية (كيت ميدالتون)، ما بين اشتباه في موتها تزامنًا مع تغيير لون شعار المحطة البريطانية الشهيرة BBC للون الأسود، أو كما قيل، فترقب الناس خبرًا يشبه الإعلان عن سقوط جسر لندن. أصبح الخبر الأكثر تداولًا، الكل أدلى بدلوه، وأفضلهم طريقة هو الذي استنكر اختفاءها وترك التحليل للعامة، فوضع كل واحد منهم قصة، حتى ظهرت الأميرة لتحكي، أنها كانت بصحة جيدة حتى بعد دخولها لإجراء عملية في البطن تكللت بالنجاح، إلا أنه تبين بعد ذلك إصابتها بالسرطان. لو تركت المجال لمخيلة طبيب فحتمًا سيقول، كان ورمًا تمت إزالته، وتحليل نسيجه بيّن أنه نسيج سرطاني. أين هذا السرطان، هل هو في المعدة والذي بدأت تزداد نسبته بين النساء اللاتي تقل أعمارهن عن 55 عامًا وهو عمر النساء اللاتي هن أكثر عرضة له عادة، وجرثومة المعدة ترفع من معدل حدوثه بالإضافة إلى نوع الغذاء كالأطعمة المدخنة والمملحة والجاهزة. ولكن لا أعتقد أن مطبخ الأميرة أقل جودة ومهارة من مطبخ وطباخي الملكة إليزابيث والتي عاشت أكثر من تسعين عامًا، أو لعله في الأمعاء أو القولون، أم في البنكرياس، أو ربما في القناة الصفراوية. ولكن لم يبدو عليها الاصفرار وهو أحد علامات انسداد القناة المرارية بأي نوع من الأورام، ومن الممكن أن يكون سرطانًا ثانوي المنشأ وليس أوليًا، بحيث يكون قد بدأ في مكان ووصل لمكان آخر. الورم ينتج عن النمو غير الطبيعي والمفرط للخلايا بحيث لا ينسجم النمو الورمي مع نمو الخلايا الطبيعية المجاورة، ويستمر ينمو بشكل غير طبيعي حتى يكون كتلة وهي إما أن تكون حميدة أو خبيثة، وخلل الحمض النووي للخلايا يعتبر السبب الرئيس للأورام الخبيثة أو السرطانات. عالميًا أكثر السرطانات النسائية هي؛ سرطان الثدي، القولون والمستقيم، الرئة، عنق الرحم حيث تشكل مجموعها 44 % من الحالات السرطانية في النساء حسب إحصائية الصندوق العالمي لأبحاث السرطان لعام 2020. السرطان لا يفرق فقط بين الجندر، بل يفرق أيضًا بين الأغنياء والفقراء، فالأغنياء يصابون بسرطانات الجلد والغدة الدرقية أكثر، بينما الفقراء أكثر عرضة لسرطان الحنجرة والكبد، حسب دراسة أجريت على الشعب الأمريكي. ولكن هل هناك عوامل تزيد من احتمال حدوث السرطان؟ وجد العلماء أن السرطانات لها علاقة بأشياء كثيرة من بينها: نوع الطعام، فالأشخاص الذين يتناولون أليافًا أقل ودهونًا أكثر هم عرضة للإصابة. النشاط الجسدي، فكلما كان الإنسان خاملًا كان عرضة للأمراض ومن بينها السرطانات. البيئة كالتعرض للمواد الكيمائية والإشعاعية المضرة أو الأشعة الضارة. العامل الوراثي فكلما كان هناك تاريخ عائلي بالمرض تزداد نسبة حدوثه في أفراد آخرين من العائلة ذاتها، وبالطبع التدخين وبعض العلاجات الهرمونية كموانع الحمل تزيد نسبة الإصابة. التوتر والاكتئاب يبدو أنه متهم أيضًا، فهناك سرطانات لها صلة مباشرة بالاكتئاب، مثل سرطان المخ، البنكرياس، وسرطان الثدي. العلاقة غير واضحة ولكن يبدو أنه ناتج عن السلوكيات الناجمة عن الاكتئاب والتوتر. فهل التوتر والاكتئاب متهم في مرض الأميرة! تعلمت من قصة مرض أميرة ويلز: أن المؤامرة نظرية يشترك فيها الغرب والشرق، رغم أن معظمنا كان يظن أنها شرقية المنشأ، فأكثر الأخبار التي تداولتها صحفهم كانت عن مؤامرة ضدها تهدد حياتها. الشخصيات العامة يدفعون ثمن أن يكونوا كذلك من خصوصيتهم وحريتهم، رغم أن المرض حالة خاصة، والملف الطبي لأي مريض وثيقة سرية للغاية، فإن حب السبق والشهرة والانتشار من الممكن أن تبيح نشره، أسوأ ما في الشهرة هو أن تكون حياتك متاحة للجميع، أو ربما يرى الجمهور أن هذا من حقه.