ابتلينا مؤخرا في وسائل التواصل بأقوام يتغنون بالتنوير وحرية الفكر ويزعمون بأنهم تنويريون ويوهمون الآخرين بأن مشعل التنوير في أيديهم بسبب مقالات قرأوها أو كتابا لفيلسوف حفظوه وحفظوا اسمه أو لسفرة خارج البلاد سافروها ..وهم بعيدون كل البعد عن التنوير وعن شروطه وقواعده ، لأنهم في الحقيقة متعصبون لآرائهم وقاطعون في أحكامهم فيما يعتقدون ، وهم بذلك متطرفون كالفريق الآخر الذي يصفونه بالرجعية والظلامية .. الخ يمارسون نفس الأساليب من الإنتقاص من الآخرين والسخرية من أشخاصهم وأديانهم ورموزهم ومعتقداتهم واختياراتهم وقناعاتهم - التي يعتقدونها ويرون صحتها والتي لاتؤذي الآخرين ولاتتقاطع مع حرياتهم - وهؤلاء في حقيقتهم مضطربون فكريا ونفسيا لأسباب تتعدد من أهمها معرفتهم السطحية الهشة والتي تخلو من البحث والتعمق والتي تسببت في فهمهم الخاطيء مما ولد بداخلهم ردة فعل نفسية جعلتهم ناقمين على مجتمعهم وموروثهم الديني . الحقيقة ان كل شخص مؤدلج بالضرورة حتى من الحكماء الفلاسفة والمفكرين ولكن الأدلجة درجات فكلما زدت إطلاعاً ومعرفةً وخبرة وتجارب ستزداد تنويرا ونضجاً وتقبلا للآخر وستكون أكثر تحرراً وإستقلالية بأفكارك وقناعاتك لتكون آرائك الخاصة وبذلك ستزداد الفجوة بينك وبين إطارك الفكري الذي نشأت عليه فتكون أكثر تحرراً وأقل أدلجة ، فتأمل الآراء المختلفة لموضوع أو لمسألة ما وتقليبها على عدة أوجه وتأمل ماكتب عنها لتكوين تصور ورؤية شاملة ومقاربة معرفية نطمئن لها كالإطلاع على رأي لأحد الفلاسفة والمفكرين والكتاب في مسألة ما من عدة مصادر يجعل منا أشخاصاً تنويريين واعين ومدركين . التنوير الحقيقي هو الدفاع عن الوطن ضد كل مسيء بالطرق الصحيحة والمشروعة وكذلك الحياد في نقل الصورة الصحيحة عنه ، وأيضا الثقة بجهود الدولة المتسارعة في سبيل التغيير والإصلاح والتطوير ، والتماهي معها لتحقيق رؤيتها ومستهدفاتها لجودة حياة أفضل لكل فرد وللمجتمع بأكمله - دون ان تجعل لأعداء الوطن فرصة أو ثغرة للنيل منه - ومن ذلك إظهار منجزاتها ومشاريعها ومكتسباتها والإشادة بها بعيداً عن جلد الذات وتعطيل عجلة التنمية بإستحضار الماضي في كل حين بلا ضرورة ، التنوير هو ان تحافظ على لحمة المجتمع من التفرق من خلال إتهام الآخرين وتصنيفهم وتقسيمهم إلى جماعات وأحزاب ودون مناكفات وصراعات تشق الصف بدلاً من توحيده ، التنوير الحقيقي يتجه لنقد الأفكار لأن الشخصنة بلا ضرورة مؤشر على عقلية عاطفية متطرفة تتسم بالطيش والتهور والجهل ، لأن الشخص الواعي العقلاني الحكيم يركز على الأفكار - بعيداً عن الأشخاص والإساءة لهم - وينقدها إن كان نقدها ضرورياً وفيه منفعة مجتمعية تصل للدوائر البعيدة أما نقد الأشخاص فلا يكون إلا للضرورة القصوى التي يترتب عليها مصلحة عامة ودفع مفسدة كبرى لا مفسدة تأثيرها غالباً لايتجاوز الشخص المنقود في دائرته الضيقة ، التنوير لا يتدخل في خيارات الآخرين سواء في طريقة عيشهم ونمط حياتهم أو حتى في طريقة لبسهم ، التنوير الحقيقي هو في الإيمان بالإختلاف والقدرة على قبول المختلف بإحترام وأدب مهما كان عرقه أو جنسه أو عمره أو قبيلته أومذهبه وديانته . التنوير ليس مجرد كلمات وعبارات فلسفية لمفكرين وفلاسفة نحفظ أسمائهم ومقولاتهم ، بل هو سلوك عملي أخلاقي إنساني وقيمة عليا تتجاوز كل الرغبات وحظوظ النفس ولا يكون إلا من خلال الوعي والحكمة والمعرفة المتعمقة الجادة المعينة للوصول الحقيقة والشعور بالمسؤولية وماعدى ذلك هوى وأوهام وظلمات متراكمة .. فأمسك عليك عقلك . محمد العتيبي @Aboshouq1399 إخلاء مسؤولية: قد يحتوي هذا البريد الالكتروني ومرفقاته على معلومات سرية وهامة وإذا لم تكن الشخص المعني بالاستلام، نرجو إبلاغ المرسل على الفور بالرد من خلال رسالة بريد الكتروني وحذف هذه الرسالة وإتلاف أي نسخة منها فورا. إن أي نشر أو كش أو نسخ أو استخدام لهذه المعلومات من شخص آخر بخلاف المستلم المعني يعتبر استخداما غير مصرح به و أمرا مخالفا للقانون. لا تعتبر مؤسسة عسير للصحافة والنشر "صحيفة الوطن" أو موظفيها مسؤولين عن أي رسائل مزيفة تصل إليكم من عناوين البريد الالكتروني للمؤسسة، ولا تتحمل مؤسسة عسير للصحافة والنشر "صحيفة الوطن" أي مسؤولية عن الأضرار الناتجة عن أي فيروسات قد يحملها هذا البريد الالكتروني . Disclaimer : This e-mail and its attachments may contain confidential and important information. If you are not the recipient, please inform the sender immediately of the response through an e-mail message and delete this message and destroy any copy of it immediately. Any posting, disclosure, copying or use of this information by a person other than the intended recipient is considered unauthorized use and is against the law. Neither the Aseer establishment for Press and Publication " Al-Watan Newspaper " or its employees are responsible for any false messages that reach you from the organization's email addresses, and the Aseer establishment for Press and Publication does not bear any responsibility for the damages resulting from any viruses that this email may carry