بصفتي باحثة مهتمة بدراسات المرأة السعودية، تفتح لي الأوراق العلمية نافذة لاستكشاف واقع المرأة من منظور نقدي، حيث يتم تصويرها في كثير من الأحيان كضحية أو مضطهدة أو مهمشة، وتشدد هذه النظرة على المرأة الشرقية، خاصةً في المجتمعات الإسلامية، مما يعزز من دور هذا التنميط في تحديد هويتها، وعلى الرغم من ذلك، تزداد هذه الدائرة ضيقًا مع ظهور نماذج ناجحة وتغييرات سياسية وقانونية تدعم دور المرأة، ومع ذلك ما زالت الصورة النمطية التي ترسخت عبر عقود من الزمن سلبية، وتغذيها غالبًا محاولات ممنهجة مسيسة من أفراد أو منظمات، أو متأثرة بانطباعات سابقة لا تكلف نفسها معرفة ما هو قائم الآن. أثق بأن الله يغير الأوضاع ويبدلها بطرق غير متوقعة، ومع أننا نسلم أن هناك ممارسات وسلبيات كانت موجودة وظاهرة عشنا بعضها وسمعنا عن بعضها الآخر، إلا أنها كانت مرهونة بوقتها وضمن سياقها الاجتماعي والثقافي والسياسي والديني، شأنها في ذلك شأن كل المجتمعات شرقًا وغربًا، وأن رؤية 2030 قامت بخطوات جادة حثيثة وأصلحت وقدمت أمورًا في سنوات ما يستغرق تنفيذها عقود في فترات سابقة وفي دول كثيرة. فحين قرأت مقالة كيلي شانون 2012 والتي يشير عنوانها إلى اقتباس من مجندة أمريكية: (I›m glad I›m not a Saudi woman) = «أنا سعيدة لأني لست امرأة سعودية»، والتي تحمل الكثير من المغالطات العلمية لوصف المجتمع السعودي إبان حرب الخليج، لم يستغرق الأمر طويلا حتى وجدت عبارة مشابهة كتعليق على مجموعة من مقاطع الفيديو المنتشرة في منصات التواصل الاجتماعي، إلا أنها كانت تقول: (Thank God I am not an American women) تكرر هذا التعليق بكثرة، على سبيل المثال ظهر هذا التعليق في فيديو لامرأة في الولاياتالمتحدة تحذر من خطورة استخدام دورات المياه العامة بسبب مخاطر التحرش على النساء والأطفال، وفي فيديو آخر، تعبّر امرأة أخرى عن استيائها من عدم وجود دورات مياه نسائية في مكان عملها، وكيف أصبحت مضطرة لمشاركة دورات مياه عامة مع الرجال، بالإضافة إلى الفيديوهات التي يظهر فيها متحولون جنسيًا يتحدون أن يتم منعهم من استخدام المرافق النسائية. إن هذه السلوكيات والمواقف والزخم الإعلامي يعيد إلى الأذهان بدايات محاولات النساء في الغرب لنيل حقوقهن، حيث يظهر التشابه في شعورهن بمخاوف من التمييز وفقدان الهوية، خاصة مع التوجهات لإعادة تعريف المرأة وتجاوز الصورة البيولوجية لها لتضم قائمة طويلة من الأحرف. يبدو أن مساهمات النساء حول العالم في النضال من أجل حقوقهن والمساواة لسنين طويلة، تتراجع تدريجيًا أمام التحولات الجذرية في القيم والمعايير، حيث يجري إعادة تشكيل مفهوم المرأة وحقوقها بطريقة تخالف الطبيعة البشرية، وقد نشهد بعد سنوات حراكًا للمرأة في الغرب تطالب فيه بالاعتراف بها وبحقوقها وتمكينها للمنافسة والتمثيل في مختلف الميادين. فخري واعتزازي يتجدّدان عندما أنظر إلى وطني، حيث تنبع قيمه ومبادئه من الإسلام، وتحافظ تقاليده على كرامة المرأة ومكانتها، مما يؤكد ويزيدنا يقينًا بالحاجة لأن يظل العمل على تطوير البحوث العلمية واستكشاف تجارب المرأة السعودية الحديثة مستمرًا ومدعومًا، لمزيد من تسليط الضوء على تاريخ المرأة السعودية وتجاربها من خلال أبحاث متعددة، لتعزيز الفهم الشامل للواقع والتقاليد الثقافية؛ لنكون نحن من يصف واقعنا وتاريخنا كما هو، لا كما تريده الاجندات المعادية.