يشكل الفنان الراحل سامي إحسان إحدى زوايا المربع الذهبي على مستوى التلحين في المملكة، الذي يكاد ألا يتعدى سامي إحسان وسراج عمر وطارق عبدالحكيم وعمر كدرس، من دون أن نتجاهل فنانين كبارا على نفس المستوى من الأداء في الجيل اللاحق بهم. اليوم نفتقد الركن الثالث من هذا المربع، فقد رحل الفنان سامي إحسان عن دنيانا فجر أمس عن 70 عاما، تاركا خلفه إرثا فنيا كبيرا قل من يضاهيه في المستوى الرفيع الذي وصلت إليه ألحانه. في الثالثة والنصف فجرا غادر سامي إحسان هذا العالم، وهو في فراشه ببيته القديم الذي يضم أسرته في حي الزهراء بجدة، وقال ابنه عبدالله وهو أحد 8 إخوة ودعوا والدهم أمس إلى جانب 4 من البنات، أن والده كان بصحة جيدة حتى الساعة الثانية والنصف صباحا، حيث اتصل بي وطلب مني إحضار والدتي التي كانت تحضر إحدى المناسبات. ويضيف عبدالله: لم يكن الوالد يشكو من شيء، فقد كان يبدو بصحة جيدة، وبعد وصولي مع الوالدة إلى المنزل وفي الثالثة والنصف تفقدته في فراشه، فوجدته قد فارق الحياة. وكان الملحن الشهير قد أصيب بجلطة أثرت على إحدى يديه عام 2010، لكنه تعافى منها سريعا، وعاد يعمل بنفس النشاط، وكان آخر ظهور له برفقة الفنان محمد عبده في منزله، في العاشر من رمضان الماضي عند زيارة الفنانة الشابة كارمن سليمان لجدة، ولقائها مع الفنانين السعوديين. عراب المغنين الشباب يعتبر سامي إحسان عراب الفنانين الشباب، فجميع حناجر الفنانين مرت من بين يديه، والتعبير للراحل محمد صادق دياب، الذي كتب "وحده سامي إحسان يمكن أن يقولها ولا يبالي" معددا طلال مداح، محمد عبده، عبدالمجيد عبد الله، عبادي الجوهر، أنغام، سمية القيصر، علي عبدالكريم، أصالة، وردة، سميرة سعيد، عفاف راضي وعشرات غيرهم من مشاهير فن الغناء العربي. ولد الفنان الراحل في حي الهنداوية، وهو أحد أشهر الأحياء الشعبية بجدة التي كانت ملتقى الفنانين، وكان والد سامي إحسان من عشاق فن الغناء، وكان بيته في الهنداوية ملتقى الفنانين الأوائل وعشاق الفن، مثل محمود حلواني، وعمر باعشن ورياض علي، وفي هذا المناخ الفني نشأ وترعرع الفنان الراحل. ويذكر محمد صادق دياب أن سامي إحسان تعلم عزف العود على يد الملحن والشاعر علي هباش. ومن الطرائف التي تروى عن سامي إحسان أنه تزوج في الثانية عشرة من عمره، وفي ليلة دخلته ترك عروسه وخرج ليلعب مع رفاق الحارة، مما اضطر الأهل للبحث عنه في حارات جدة لإعادته إلى عروسه. وكان من نتيجة هذا الزواج 8 أولاد و4 بنات. "الوطن" حاورت الفنان سامي إحسان منذ سنوات وكان يومها يتبنى صوتا نسائيا سعوديا جديدا باسم "رازان" وصفها يومها بأنها ستكون أول مغنية سعودية، بينما صرحت هي بأن لا شيء يثنيها عن الغناء، ويومها أثيرت الكثير من ردود الأفعال الغاضبة، على الاكتشاف الجديد لسامي إحسان، والذي عادة كان يواجه بالكثير من الشكوك كلما قدم فنانا جديدا، كان آخرهم إبراهيم عباس. يصف الموسيقار غازي علي الفنان الراحل بأنه مدرسة فنية، لها خصوصيتها، وقال ل"الوطن" إن علاقتي معه تعود إلى أكثر من 30 عاما مضت، فكنا زملاء في الإذاعة، وكنا أصدقاء خارجها، ولم تنقطع علاقتنا يوما، وآخر مرة قابلته فيها كان قبل رمضان الماضي، ولكن اتصالاتنا الهاتفية لم تنقطع أبدا، فهو أخ عزيز ورجل وفي، ومثال للفنان المخلص لفنه. وفي حديثه إلى "الوطن" قال الفنان محمد عمر إن الفنان الراحل كان بمثابة الأب الروحي للكثيرين ممن برزوا على الساحة الفنية، ولم يكن يكتف بتقديمهم إلى الوسط الفني بل كان يتابع نجاحاتهم ويقوم بتوجيههم، هذا الرجل الكريم جمعتني به ما لا يحصى من المناسبات داخل وخارج المملكة، وقدمت من ألحانه عشرات الأغاني العاطفية والوطنية والرياضية، وما يميز الفقيد أنه لم يكن يبخل على أي فنان بتقديم خبرته من دون مقابل، وبالتأكيد مثل أي فنان وهذه سنة الحياة واجه سامي إحسان الكثير من الجحود من بعض الفنانين الذين قدمهم، لكن أعتقد بأن هذا أمر طبيعي، فهذه هي الحياة. وأضاف الفنان محمد عمر: علاقتي بالفنان الراحل علاقة صداقة ومحبة لم تنقطع، منذ أن سافرت معه للمرة الأولى إلى القاهرة لتسجيل أولى أغنياتي، لقد كان يعمل في وسط يريده أن يكون مثاليا في عطائه ومستواه، وهذا أتعبه كثيرا، لكنه لقي مقابل ذلك التقدير والاحترام.