المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، وهي دولة لها تأثيرها القوي في المنطقة وفي المشهد الدولي، حيث لم تكن السعودية يومًا على هامش الحضور أو ضعيفة الأهمية، تلك هي سعودية الأمس، والتي ستبقى بمشيئة الله وببركاته ثم بقيادتها وشعبها اليوم وغدًا، متبوئة الصدارة في تأثيرها وقوتها التي لم تأت من فراغ، إنما هي ببركات من الله ثم بحكمة من قيادتها وعزم من شعبها للمحافظة على ماض مجيد وحاضر متألق ومستقبل واعد. هذا التألق البهي داخل الحدود، والحضور القوي خارجها يتطلب منا جهودًا ليست بالهينة للمحافظة على هذه المستوى وتطويره لنكون بتوفيق الله في الصف الأول كما تعودنا، ولعل من أكبر التحديات التي تواجهنا هي تغير نمط التفكير الاجتماعي الذي كان أمسه يرى أن الأمان والمستقبل ينحصران في تخصصات دراسية معينة تعقبها وظيفة ثابتة في جهة حكومية وسط مجتمع تتشابه فيه الظروف والثقافات، فأحوال اليوم اختلفت، وأصبحت الدول في سباق شرس للحاق بمتغيرات العالم، من أجل ذلك أصبح لابد من تغير نمط التفكير الاجتماعي ليرى العالم بعيون الحاضر، وهذا ما فكر به سمو ولي العهد -حفظه الله- وبناء عليه قامت رؤية 2030، والتي جعلت المسؤولية المجتمعية من أبرز اهتماماتها، ومن أجل ذلك انطلقت مؤسسة محمد بن سلمان «مسك» ككيان تنموي غير ربحي لتسهم في تعزيز المسؤولية المجتمعية، وتشارك في احتضان مواهب الشباب، ومن ثم توجهها نحو مسارات مختلفة لتخلق منهم بعد الله قادة التنمية المستقبلية وذلك من خلال برامج ومبادرات متعدده تطور من معارفتهم وأدائهم وتفكيرهم. الإستراتيجية المحدثة التي تستهدف التمكين في المجالات التقنية والثقافية والفنون والتعليم وريادة الأعمال بلورت رؤية المؤسسة لتصل إلى واقع جديد من التمكين الذي جعلها تفتح قنوات تعاون تعمل من خلالها مع الجهات والشركات التابعة لها، مما يصنع فرصًا جديدة للأفراد، وكذلك نقل الخبرات لمؤسسات القطاع غير الربحي في المملكة، وهذا كان الغرس الذي أثمر عن إنشاء مدينة محمد بن سلمان غير الربحية، والتي تعتبر مفخرة وطنية، حيث تعد أول مدينة غير ربحية في العالم تحتضن مواهب الشباب وطاقاتهم التطوعية، وكذلك المؤسسات غير الربيحية المحلية والعالمية لتنضم إلى الجهات التابعة للمؤسسة، مما يسهم في تحقيق مستهدفاتها لصنع قادة المستقبل. بمثل هذه المؤسسة وجهودها نستطيع أن نسهم بشكل كبير في تغير نمط التفكير الاجتماعي ليستوعب بشكل أسرع شكل التغيرات والمتغيرات العالمية الشاملة، وإما يترتب عليها من متطلبات تجعلنا نوجه تفكيرنا نحو طرق غير تقليدية لنصنع بتوفيق الله مستقبلا أفضل لنا ولأبنائنا ولمجتمعنا، مما يعود بالخير والقوة على وطن نعيش فيه ونرتقي به ما نحن فيه.. وما وصلنا إليه الآن يجعلنا في فخر مضاعف تجاه هذا الوطن.. وتجاهه قادته.. وتجاه أنفسنا كشعب «نحن الذين نعانق السحاب» بأحلامنا وأهدافنا وعزمنا.. حبانا الله بأرض مباركة.. وقيادة حكيمة.. وشعب ذا عزم لا ينافسه أحد في اندفاعه نحو المستقبل البناء والتنمية المستدامة التي لا تقف عند حد.. هي النعمة التي نسأل الله أن يديمها علينا ويحفظها من الزوال.