كشفت إحدى الدوائر المختصة في منظمة التعاون الإسلامي ل"الوطن" عن ازدياد مضطرد في التخويف من الإسلام في الغرب (الإسلاموفوبيا) وتحديدا في الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا من قبل جهات سياسية وثقافية محسوبة على الخط "اليميني المتطرف"، بهدف تحقيق أغراض سياسية في الحملات الانتخابية والدعائية. وقالت مصادر في التعاون الإسلامي التي تعد ثاني أكبر منظمة بعد الأممالمتحدة في سياق حديثها: إن السنوات الخمس الماضية منذ بدء رصد المنظمة لهذه الإشكالية شهدت تنامي هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن "التعاون الإسلامي" ستطبق استراتيجية شاملة في وسائل الإعلام الغربية والإعلام الجديد لمكافحة ما أطلقت عليه التشويه المتعمد ل"الإسلام المعتدل". وانتقدت مصادر في "التعاون الإسلامي" بشكل محدد دوائر الحزب الجمهوري الأميركي لاستخداماته المتكررة ل"الإسلاموفوبيا" في حملات الدعاية الانتخابية للحزب في انتخابات الرئاسة الأميركية المزمع عقدها في نوفمبر المقبل، لاختيار مرشح جمهوري لمواجهة الرئيس الحالي باراك أوباما. لكن المصادر عادت للتحدث ب"إيجابية" هذه المرة عن دور منفصل بين الحكومات الغربية والجماعات اليمينية المتطرفة، قائلة: إن هناك دورا حيويا وإيجابيا في الفصل السياسي بين الجانبين، فالحكومات الغربية تؤكد على عدم خلط الإسلام بالإرهاب، وتحاول من خلال أجهزتها التنفيذية عدم الخضوع لرغبات تلك الجماعات والأحزاب السياسية المتشددة، بل والتنبيه إلى خطورة ذلك، مع تأكيدهم على أن الجاليات المسلمة مكون اجتماعي وثقافي مهم". لكن هنا ملمح انتقادي مباشر فصّله بشكل كبير الباحث في شؤون العلاقات الغربية الإسلامية بمركز الدراسات الإسلامية الطاهر حمداوي في تعليق خاص إلى "الوطن" حول غياب ما سماه ب"الدور الحكومي" العربي والإسلامي في مواجهة المكافحة خاصة من دول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي التي تضم تحت رايتها 57 دولة، وأن الأمر ملقى على عاتق المنظمات والجمعيات الإسلامية في الغرب، دون وجود ميزانيات محددة لمواجهة "حدة تصاعد العنصرية ضد المسلمين في الغرب"، التي تأتي – على حد قوله - في أشكال مختلفة. ويستدل حمداوي بآخر تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في 24 أبريل الماضي الذي أشار بكل وضوح إلى أن مسلمي أوروبا يواجهون يوميا صورا نمطية وأحكاما مسبقة قاسية بشأنهم، وأنهم بحاجة إلى مزيد من المساعدة من قبل الحكومات للمواجهة، وتناول التقرير الحقوقي الدولي أوضاع المسلمين في عدد معين من الدول الأوروبية مثل هولندا وبلجيكا وفرنسا وسويسرا وإسبانيا، وجاء تحت عنوان "الخيارات والتحيز.. وتمييز ضد المسلمين في أوروبا". وعلى خلاف "التعاون الإسلامي"، انتقد حمداوي أيضا التشريعات الأوروبية الحكومية لمناهضة التمييز ضد المسلمين، التي قال عنها "إنها لم تُفعَّل على أرض الواقع، بهدف عدم إغضاب المعارضة السياسية، وخوفها من حدوث مآزق سياسية معها". وذهب إلى أن إشكالية "الإسلاموفوبيا" هي إشكالية ثقافية مغلفة سياسيا، ليؤكد بقوله "ليست هناك جدية من قبل الحكومات الغربية لمكافحة الإسلاموفوبيا" على حد قوله. وفي سياق آخر، حذرت مؤسسة الأزهر الشريف بمصر في يوليو الماضي من مغبة استمرار "العنصرية ضد المسلمين في الغرب والترهيب من الإسلام لتحقيق أغراض سياسية". يذكر أن تصاعد ظاهرة "الإسلاموفوبيا" مثلت أهمية لدى منظمة التعاون الإسلامي، عززتها في صور وأشكال متعددة من حيث البيانات الاستنكارية لعدد من الحوادث، أو عبر اجتماعات المائدة المستديرة مع مجالس حقوق الإنسان الرسمية والمدنية، إلا أن أبرز أعمالها في هذا الصدد كان تأسيس "مرصد الإسلاموفوبيا" قبل خمس سنوات، وينتظر أن تصدر المنظمة تقريرها السنوي في أكتوبر من العام الجاري، وهو بمثابة رصد دقيق للأحداث المتعلقة بالظاهرة من خلال التقارير الغربية، إضافة إلى التركيز على المشاكل التي تواجه المسلمين بتسليط الضوء على حوادث الإسلاموفوبيا، ويشكل التقرير السنوي للمرصد ورقة ضغط دبلوماسية تستخدمها المنظمة في علاقتها مع الحكومات الغربية.