جاءت الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية كخطوة من ضمن الخطوات التي تخطوها المملكة برعاية سمو ولي العهد لتحقيق رؤية 2030، وتكمن أهمية هذه الخطوة في تحفيز الابتكار لدى عامة الناس، فإنه بمزيد من رعاية الأفكار وحفظ حقوقها تنشأ لدى المهتمين الأفكار والابتكارات. إلا أن أهم ما أتمناه في هذه الرؤية أن يدخل الابتكار في المجال الاجتماعي والتنموي والخيري والتنظيمي، وحلول المشاكل القائمة منذ عشرات السنين كالتستر والمخدرات والحوادث المرورية وغيرها حيز الاهتمام في حفظ الحقوق الفكرية - الأدبية منها وليس المالية- فإن هذه المجالات معتبرة فيما يدخل في العصف الذهني لدى الشخص، فالملاحظ على أغلب الحقوق المحفوظة أنها أفكار للمصلحة الخاصة وليست العامة، وصاحب الفكرة يحتاج لتوثيق ملكيته خصوصاً إذا وضع برنامجا متكاملا لا يمكن أن يشترك غيره معه، وهذه الشكوى تكثر ممن يعمل بداخل القطاع أكثر من خارجه وإن كان الجميع يحتاج لحفظ حقوقه بها، وربما لو استحدثت منصة مخصصة لاستقبال جميع الأفكار تضم ممثلين من جميع الجهات المعينة ثم غربلتها وتطويرها وتدارسها مع صاحبها وفرز ما يصلح أن يكون فكرة، ثم تحويلها إلى الجهة المعنية لاستطاعت استقبال جميع الأفكار في جميع مناحي الحياة مع حفظ الحقوق الفكرية لأصحابها، مما يقلل العبء على الهيئة السعودية للملكية الفكرية. وكل هذا في الشأن العام الذي من المتوقع أن تسهم هذه المنصة بشكل كبير في العثور على حلول للمشاكل المستعصية، بل قد نصدر تنظيما أو آلية عمل معين إلى العالم بما يتناسب ومكانة المملكة، فمثل هذه المنصة أفضل من التقدم مباشرة للجهة المعنية.. فقد يصطدم المتقدم بالبيروقراطية وقد تكون متداخلة مع أكثر من جهة، وقد تؤخذ الفكرة ويُستولى عليها وينسبها موظف إداري في قطاع عام أو خاص إلى نفسه أو يقدمها كمشروع ترقية، وفي هذه الحالة سنكون أمام فساد إداري وليس تضييع حقوق فكرية فقط، وقد يحولها لمشروع تجاري إذا كانت الفكرة قابلة لتحويلها إلى منتج تجاري وإن كانت بطبيعتها تنموية أو تنظيمية، في الوقت الذي تذكر الهيئة السعودية للملكية الفكرية أنها لا تسجل الحقوق الفكرية للأفكار المجردة أو أساليب العمل، ما لم تكن ضمن مصنف أدبي ككتاب مثلا، وإن كانت تفصل في الخصومة بها لكنها لا تسجلها.. فعدم الالتفات لما سبق سيؤدي إلى إحجام كثيرين عن تقديم أفكارهم.