استقبلت بلادنا يومها الوطني الثاني والتسعين - بتوفيق من الله- وهي في أمن وارف، وتنمية متسارعة، وحضور عالمي على الأصعدة السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية. ففي مستهل برج الميزان من كل عام نستذكر تاريخ الأرض والانسان، نستذكر سيرة صانع التاريخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - ونطل من خلال هذه الذكرى على تاريخ الآباء والأجداد المجيد، ونفتح نافذة مضيئة على الأزمنة الثلاثة.. الماضي.. الحاضر.. المستقبل.. في يومها الوطني تزهو بلادنا بذكرى التوحيد، وتحتفي بأجمل تاريخ، وترتفع رايةالتوحيد على السواري.. في الميادين .. في الشوارع .. في كل أنحاء البلاد.. في ممثليات المملكة حول العالم.. والعلم الذي يحمل كلمة التوحيد يبقى خفاقا لا ينكس.. وترتفع مع سمو راية التوحيد قصة فريدة.. عظيمة.. تمازج فيها: البعد الديني..مع السياسي..مع الاجتماعي ..في تكامل نادر..في نسق فريد.. السلطات الثلاث تحتكم إلى: كتاب الله الكريم..وسنة النبي العظيم..فيها يكمن سر وحدتنا..سر قوتنا. . وطني.. أهزوجة فرح، تتردد في يوم الوطن على شفاه السعوديين والسعوديات .. يرددها الكبار والصغار ولسان حالهم يقول : وطني، وطن العز والشموخ ، الوطن الحر الذي لم تدنسه قدم مستعمر، أو تمتد إليه يد أحد بفضل أو منة، وطن القبلة، مهوى الأفئدة. وطني . (المملكة العربية السعودية).. وطن ليس كمثله وطن. بداية برج الميزان هو اليوم الأبرز في التاريخ الحديث لبلادنا ، ففي هذا اليوم منعام 1351ه أعلن المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله رحمةالأبرار وجزاه عنا خير ما يجازي به عباده الصالحين – عن قيام الكيان الكبير المملكة العربية السعودية.. لقد أمضى المؤسس مع رجاله (32) عاماً من الكفاح والعمل المضني للوصول إلى إعلان الدولة الحديثة على معظم أرض الجزيرة العربية، و ما بين البداية التي انطلقت ملحمتها بفارس شجاع امتطى فرسه من الكويت، وهو لا يملك سوى همته العالية ، وإيمانه القوي ،وشجاعته الفائقة، وبين إعلان توحيد الكيان الكبير تتضح الملحمة الكبرى ، ويظهر جهدالمؤسسين الذين نقلوا المجتمعات البدائية المبعثرة إلى دولة عصرية قوية ، ساهمت حكمة قياداتها المتتابعة ورجالها المخلصين على مدى (92) عاما من الموازنة بين الاصالة والمعاصرة في مشروع التحول الى كيان قوي عزيز ، متماسك مهاب. ان احتفالنا باليوم الوطني ليس لإظهار البهجة والحب والاعتزاز بالوطن فحسب، ولكنه قبل ذلك لشكر الله الذي حبانا وطناً ميزه عن كل الأوطان بوجود الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة على ثراه مصدر عزنا وفخرنا، نعض على خدمتهما بالنواجذ إعمارًا ورعاية وفي أقوال وأفعال قيادتنا كابرا عن كابر ما يؤكد هذا الالتزام العالي.. يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أدام الله عزه: ( هذه الدولة في خدمة البيتين.. الحرمين الشريفين.. ويشرف ملكها أنه خادم الحرمين الشريفين.. الملك عبدالعزيز إلى اليوم.. وهذا منذ عهد والحمد لله ، مكة والمدينة تهمنا قبل أي مكان في الدنيا). لقد فتحت الدولة خزائنها بلا من ولا تقتير لإعمار الحرمين الشريفين وتقديم أفضل الخدمات للطائفين والعاكفين والركع السجود لقد منحنا الله أرضاً مباركة اختارها لخاتم الرسالات فالحمد والشكر الله على فضله وكرمه ،والشكر والحمد ليس باللسان فقط ولكنه بتمسكنا بإسلامنا، بوحدتنا، بترجمة حبنا لأرضنا بالعمل الجاد المثمر الذي يحافظ على المنجز ، ويضيف له أعمالاابداعية من أجل مستقبل حافل ينعم به أبناؤنا. حري بنا في يومنا الوطني أن تترجم لأبنائنا معنى اليوم الوطني بصورته المثالية ،ومعانيه الإنسانية، وتجلياته الجمالية ، متجاوزين القوالب النمطية في كتابة التاريخ. إننا في أمس الحاجة لنقدم لأبنائنا صورة الأمس التي اتسمت في كثير من مفاصلها بالمشقة والجفاف والبؤس ، مقارنة بصورة اليوم بكل بهائها، وإشراقاتها، وجمالها، وعالميتها. لنعلم أبناءنا بأن الخير الذي نحن فيه، والمجد الذي أحرزناه جاء إلينا من رحم المعاناة ،وأن التكوين الفريد لبلادنا مر بمحطات مرة، وتجاوز صعوبات تفوق العد والوصف. علينا أن نعلم أبناءنا بأن التكامل مع القيادة يعزز الانتماء لوحدتنا، ويقوي تنمية الروحالوطنية في أجيالنا، فهم القوة الحقيقية للمستقبل، بل هم المستقبل كله. علينا ان نعلمهمأن حب الوطن من شيم الوفاء ، والشهامة ، والنبل ، وأن الحر بفطرته يحن إلى وطنه ، كما تحن الإبل إلى أوطانها، والصقور إلى أوكارها... علينا أن نعلمهم كيف نشكر كل يد معطاء تعمل وتتفاني من أجل الوطن، علينا أن نضع وسام استحقاق على السواعد الفتية، والأيدي الندية المخلصة في خدمة الوطن لقد مرّ انتقالنا السريع في سلم الحضارة بمراحل متسارعة تفوقت سنوات الانجاز فيهاعلى العمر الزمني للمملكة، فكان هذا التسارع المدهش في البناء والتشييد، وتاج ذلك وسنامه عمارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ومن فضل الله علينا أن عجلة التنمية لا تتوقف، رغم ما مرت وتمر به منطقتنا العربية من متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وصدامات وحروب. لقد كانت سياسة بلادنا خلال هذا الوضع المضطرب من حولنا متوازنة، يقدم قادتهامصلحة شعبها على ما سواه ، وبفضل الله جنبتنا حكمة القيادة الدخول في المتاهات الخاسرة التي ضاعت فيها شعوب ، وأزيلت فيها دول من خريطة العالم.. آنها سياسة الاعتدال.. وصوت العقل.. وأصالة القيم.. وثبات المبادئ.. لقد تحققت لبلادنا بفضل الله ثم بفضل اعتدالها مكانة كبيرة، وأهمية عالية، إقليمية، وعربية ، وإسلامية ، وعالمية، وعلينا أن نستشعر قيمتنا على خارطة العالم ونضيف لهاونعززها من خلال إمكاناتنا ، ومواقعنا ، وتخصصاتنا.. في الجهاز الحكومي.. في قطاع الأعمال.. في القطاع الثالث.. في داخل البلاد وخارجها.. إن مسؤوليتنا كأفراد أن نترجم هذه القيمة العالية من خلال السلوك القويم، والتعامل الحسن، والعمل الجاد المثمر. إن علينا ونحن على أعتاب عام جديد أن ننظر بتفاؤل للمستقبل الذي يحمل لنا. مرحلةتنموية بوجه جديد ، بروح وثابة (مرحلة 2030) المشروع التنموي الكبير الذي يقف على دقائق تفاصيله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وسمو ولي العهد الأمين. أسأل الله أن يديم على بلادنا إسلامها.. وأمنها .. وأمانها. وقيادتها. . وسيادتها.. وأن يجزي كل من أسهم في البناء، وعزز من قوة هذا الكيان من الملوك، والرواد، والبنائين المخلصين، خير الجزاء. وتحية وشكر ودعاء لأبنائنا المشرعين صدورهم في بسالة وشجاعة على ثغور بلادنا في البر والبحر والجو لردع كل معتد آثم.