بوفاة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - خفت وطأة تأثير الدين على سيكولوجية الناس، لانتهاء الرابط المباشر بين الإنسان والرب، وغياب المصدر الرئيسي الناقل عن الرب، وارتباط حضوره المادي المحسوس في الذهن اللاواعي للمسلم في استشعاره بقرب الإله. لذا فإن غياب النبي صلى الله عليه وسلم ساهم في انخفاض حالة القداسة الإيمانية المحاطة بهم، التي كان يستشعرها الأفراد جميعا، فنلاحظ بداية التخبطات التي لحقت بالمجتمع منذ تولي أول الخلفاء الراشدين من ردة، وصولا للإمام علي الذي ثار عليه المجتمع الأموي تحت قيادة معاوية بن أبي سفيان، فكان الزهد الدنيوي قد لقى حتفه، وتصدر النزاع على السلطة المشهد طمعا في القيادة والتملك. فتفعيل الجانب الإيماني باستشعار قرب الإله، وإن غاب المصدر المرتبط به، هو الرادع لكف الأذى والاستقامة، وكلما زادت المسافة الزمنية بين وفاة النبي والفرد قل استشعار الحالة الإيمانية وقرب الإله، لأن سيكولوجية الإنسان تتأثر بحضور الماديات المحسوسة. لذا بات الإنسان المعاصر مغيب عن الاستشعار بالعقل اللاواعي والواعي لتتجه البوصلة لزينة الدنيا واستعبادها.