الحمد لله رب العالمين حمداً يليق بجلاله وعظيم قدرته وواسع رحمته وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: من الأمور التي تهم المسلم في حياته اختيار الأصدقاء وهذا الأمر الذي سوف أتحدث عنه: إن من عادة الإنسان الاجتماع ولا بد له من أصدقاء فإذا وفقه الله في مصادقة الأخيار وإلا فمصيره مصادقة الأشرار، فعلينا الحرص على مصادقة الأخيار والصالحين والجلوس معهم ومحبتهم في الله والبعد عن جلساء السوء، قال الله عز وجل (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، والإنسان كما يقلد من حوله في لباسهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: «وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ»، وقال حكيم «نبئني عن من تصاحب أنبؤك من أنت». إن مصاحبة الأخيار تجنبك اقتراف السيئات والرفيق الصالح يأمرك بالخير وينهاك عن الشر ويسمعك العلم النافع والقول الصادق والحكمة البالغة ويعرفك عيوب نفسك ويشغلك عما لا يعينك ويحمي عرضك في مغيبك وحضرتك، وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي وصحبة الصالحين ينتفع بها حتى البهائم كما حصل للكلب الذي كان مع أصحاب الكهف فقد شملته بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال العجيبة وصار له ذكر وخبر وشأن. أما صحبة الأشرار فأنها السم والبلاء فهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات وبسببهم قد يحصل لك الهلاك وبمجالستهم تحصل الغيبة والنميمة، هلك أقوام بسبب مجالسة أهل الشر وإليكم هذه الواقعة: (لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله وعنده عبدالله بن أبي أمية وأبو جهل فقال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، فقالا له أترغب عن ملة عبدالمطلب فعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا فكان آخر ما قاله هو على ملة عبدالمطلب). ففي هذه الواقعة تحذير شديد من مصاحبة الأشرار وجلساء السوء ألا فانتبهوا يا عباد الله من مصاحبة الأشرار وجلساء السوء ألا فانتبهوا يا عباد الله لأنفسكم وجالسوا أهل البر والتقوى وخالطوا أهل الصلاح والاستقامة، وابتعدوا وابعدوا أولادكم من مخالطة الأشرار ومصاحبة الفجار خصوصاً في هذا الزمن الذي قل فيه الصالحون وكثرت فيه الفتن بالخطر عظيم والمتمسك بدينه في هذا الزمن غريب، هذا ما أحببت أن أتكلم عنه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.