"برستيج العائلة يفرض علي تسجيل أبنائي في مدرسة خاصة" .. كانت تلك العبارة ل"أم راكان" التي لا تزال تصر على متابعة مشوار تعليم أبنائها في مدارس خاصة، وعلى الرغم من اعترافها بكلفة الأقساط في المدارس التي يرتادها أبناؤها الخمسة. وأضافت: "لا تهمني الأقساط والانغماس في الديون، كل ما يعنيني هو اسم المدرسة، وشهرتها، وأنه لا يرتادها سوى أبناء شريحة معينة في المجتمع". واعترفت "أم راكان" خلال حديثها إلى "الوطن" بأنها مرهقة من الأقساط، وذكرت أن المكانة الاجتماعية لها ضريبتها، وتابعت: "يفرض علي ذلك البرستيج تسجيل أبنائي في مدارس خاصة، ولا يمكن لي أن أتخيل أن جميع أبناء شقيقتي في مدارس خاصة وأنا غير ذلك". وعلى النقيض من "أم راكان" تستهجن الأربعينية "سامية" انتقاد بعض زميلاتها في العمل، كونها لم توافقهن الرأي بخصوص المدارس الخاصة، وفضلت أن تقوم بتسجيل أبنائها في المدارس الحكومية. وقالت أم محمد: "مازلت أستذكر تلك المبالغ الطائلة التي قمت بدفعها لولدي محمد أثناء تسجيله في مدرسة خاصة عندما بدأ المرحلة الثانوية، وكان أملي أن يساعده ذلك على الدرس والتحصيل، فينجح ويحقق درجات عالية"، وتابعت بحزن: "ولكن الواقع كان غير ذلك، فرغم الأقساط المرتفعة لم يحصل ولدي على الدرجات التي كنت أطمح إليها". وعن السبب في ذلك قالت: "السبب لم يكن في طريقة التدريس، أو في تقصير ولدي في المذاكرة، بل كان السبب هو ذلك المدير المتسلط الذي تسبب في أن يكره ولدي المدرسة، ومعه مجموعة من الطلاب، بالتالي تسبب لهم في النفور من المدرسة وهم في هذه المرحلة الحرجة، وهذا الثمن الذي دفعته أنا وغيري من الأهالي ثمن للبرستيج الاجتماعي، وطمع في الحصول على العلامات العالية التي تؤهل لدخول الجامعة المرغوب فيها". لم تخفي "سلمى الخالدي" رغبتها في تسجيل طفلتها "ميار" في مدرسة خاصة، معللة ذلك بأن للمدارس الخاصة "لوك" معين في التواصل مع الأهالي، وتقديم الراحة للطلاب، خاصة في عدد الطلاب في الصف الواحد، والذي لايتجاوز العشرين طالبا، مع المساحة المناسبة للصف، وتقديم الخدمات اللازمة، كفرص اللعب، وتقديم الوجبات، وغيرها". وقالت الخالدي: جميع تلك الإمكانات تجعلني مطمئنة على طفلتي، فأنا أنشد لها الراحة، وأريد لها تعليما متميزا"، وعن الأقساط والتكلفة، قالت: " لاتهمني الأقساط، فابنتي ليست بأقل شأنا عن ابنة عمها". من جانبها أكدت اختصاصية التربية الأسرية مسفرة الغامدي على أن "الأساس في التعليم إنما هو المنهج سواء كان ذلك في المدارس الخاصة أم الحكومية، فالتعليم بطبيعته رسالة سامية، فإذا كان ضمير الكادر التعليمي بخير، فإن الفائدة تشمل الطالب وتتخطاه إلى المجتمع، وجودة التعليم ليست فقط متوفرة في المدارس الخاصة، بل تكون في المدارس الحكومية أيضا". ونوهت الغامدي إلى أن "بعض من الأسر تلجأ للمدارس الخاصة، وتتحمل كلفة الأقساط العالية ظنا منهم بأنها تقدم الراحة للطالب أكثر من غيرها، خاصة في المراحل الابتدائية التي يعتقد الأهالي بأن المدارس الخاصة تقدم بها خدمات أفضل". وقالت: "هناك شريحة واسعة من الأسر تعمد إلى تسجيل أبنائها في المدارس الخاصة بهدف البرستيج، والمظاهر الزائفة، أو التقليد، فهم بذلك يبحثون عن المكانة الاجتماعية دونما النظر إلى التكلفة التي قد تسبب انهيار الأسرة ماديا، وبالتالي الوقوع في مطبات الديون، ومن ثم التوغل بالأمراض النفسية التي قد تدمر أسرة بكاملها". ونصحت الغامدي الأهالي قائلة: "على كل أسرة أن تقدر التكاليف التعليمية بحسب الدخل، وأن لاتنساق وراء المظاهر والتقليد، فالتعليم في المدارس الخاصة كما هو في المدارس الحكومية". هذا وأكدت المشرفة التربوية عائشة العازمي على أن "المدارس الخاصة والحكومية جميعها تلتزم ببرنامج وسياسات وزارة التربية والتعليم، والمقررات الدراسية جميعها متشابهة في القطاعين، إلا أن نوعية المباني، والتجهيزات قد تختلف عن المدارس الحكومية، ولعل هذا السبب الرئيس الذي يجعل بعض الأهالي يلجأون إلى تسجيل ابنائهم في المدارس الخاصة على الرغم من التكلفة". وأضافت أن "الهدف الذي ننشدة كتربويين قد يتحقق سواء في المدارس الحكومية أم الخاصة في حال تحقق مانرنو إليه جميعا، وهو الالتزام التعليمي، واستقرار المعلمين، وعدم كثرة الغياب التي قد تضر بسير العملية التعليمية". ونصحت العازمي الأسر بضرورة متابعة الأبناء أثناء عملية التعلم، وقالت: إن "عملية التعلم لاتكون فقط بين أركان المدرسة، بل أنها عملية مستمرة تتطلب التوجيه والمتابعة أيضا من قبل الوالدين". وأشارت إلى أهمية التواصل بين المدرسة والبيت، حيث قالت: "العديد من الأهالي يعتقدون بأن المدارس الخاصة أقوى في عملية الاتصال بالأسرة لمناقشة حالة الطالب، وهنا أؤكد على أن المدارس الحكومية أيضا تسعى إلى توطيد الاتصال بين المدرسة وأسرة الطالب، وهذا مانلحظه من خلال الجولات المستمرة على المدارس". وتأسفت العازمي لبعض الاعتقادات الخاطئة من قبل الأهالي والذين يظنون بأن المدارس الخاصة كريمة جدا في منح الدرجات لطلابها، وقالت: أن "جميع المدارس تخضع لزيارات دورية من قبل المشرفين، خاصة أثناء الاختبارات، وعملية رصد الدرجات، فالطالب لايمنح من الدرجات مالايستحقه".