حين بدأت الرؤية، لم تكن مجرد حلم فقط، بل نهضة جديدة تضيف لما سبق من منجزات وهي كثر ومتعددة، لونا آخر ونمطا يساير العصر. حديثي هنا عن «نموذج المرأة» التي دخلت عنوة إلى معترك الصراع، والذي سرقه منها «الإخوان المسلمون»، ولم يدركوا أن الملك فيصل - رحمه الله - قد منحها حق الدراسة اسوة مع الذكور منذ أمد بعيد، وأن المدرسات يمثلن فخراً للمرأة السعودية على مدى الزمن، وبعد ذلك كله أصبحت المرأة السعودية سفيرة في أكثر من موقع، ومؤشرات أكثر من موقع في الحكومة وخارجها تثبت أحقيتها ومدى تأثيرها في هذا المركز أو ذاك، أينما التفت تجدها، في الجامعات، في المشافي، في مراكز الأبحاث، في المطارات.. كل ذلك تم بهدوء منقطع النظير. هناك نماذج أخرى أغرتهن الشهرة والمال، ولكنهن لا يقدمن لوطنهن العظيم سوى مقاطع لا تليق بالمرأة السعودية شريكة الرجل في الحقل والمرعى والبحر. هناك منعطفات في حياة كل إنسان، وهناك منعطفات في كل مجتمع، وهناك منعطفات في كل أمة، هذه المنعطفات التي تحدد وترسم الخطوة التالية في حياة الشعوب، والتي ترسم طريقا للمستقبل، تحاول ألا تشوبه شائبة، عبر تحولات فرضت قوانينها على مدى سنوات من الإضافة والتعديل، واختبار تلك القوانين ومدى ملاءمتها مع المجتمع والوطن الذي نتفيأ ظلاله. نحن وطن انتقل من فكرة خيمة في صحراء، أو قرية نائية فوق جبل يعانق الغيوم أو مركب لصائد أسماك تمنحه الطعام والمعاش ليصلح مركبه المتهالك. نحن وطن انتقل من فكرة «القبيلة» التي كانت مرحلة تاريخية لا بد من العبور بها إلى مرحلة الأمة التي تمازجت بها كل الشعوب والسحن المختلفة من شعوب الأرض، يقول تعالى: «رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ». لم نكن يوما أمة طارئة عبر التأريخ، بل إن لنا تلك الجذور الممتدة عبره، ونفتخر بخدمتنا الدائمة للحرمين الشريفين وحجاجه وزواره من دون منة أو ادعاء.