قد يعاني كثير من الناس في بعض الأحيان من الضغوط، لكننا قد لا نعي بأننا نعاني في حقيقة الأمر من الاحتراق.وربما تساءل بعضنا: لماذا أحترق! الاحتراق النفسي والضغط النفسي يشتركان بأنهما يعبران عن حالة من الإنهاك النفسي والجسدي، إلا أنهما يختلفان. فالشخص المضغوط يتحسن بمجرد الإحساس بأن كل شيء أصبح تحت السيطرة، وإذا طال هذا الضغط فإنه يستهلك أداء الفرد ويؤدي إلى انهيار في أداء وظائفه. أما الشخص المحترق نفسيًا فهو يعاني من الشعور بالفراغ، وتجنب الدافعية، وهو غير قادر على رؤية أي أمل في التغيير الإيجابي، إنه غارق بالمسؤوليات. الإجهاد العاطفي يتمحور كتاب «مجتمع الاحتراق النفسي» حول ظاهرة مرضية تعرف بهذا الإسم، يربط بيونج-شول هان مؤلف بينها وبين طبيعة مجتمع العمل المعاصر الذي يطلع عليه مجتمع الإنجاز والتسارع. الاحتراق النفسي كما يقول المؤلف «هو النتيجة الطبيعية لعالم يقدس العمل لدرجة العبادة، مجتمع يتعرض طوال الوقت لمشتتات إدراكية ويبتعد تمامًا عن حياة التأمل. حالة من الإجهاد العاطفي والعقلي والجسدي تنجم عن الضغط المفرط والمستمر لفترات طويلة، تحدث عندما تشعر بالإرهاق وتفقد قدرتك على أداء مهامك المطلوبة، إنه الاحتراق النفسي. عوامل أخرى تمتد الآثار السلبية للاحتراق إلى كل مجالات الحياة، وعلى المستوى الصحي قد تسبب تغيرات طويلة الأجل على جسم المرء، وقد تعرضه للأمراض مثل نزلات البرد والإنفلونزا. ففي العديد من الحالات تتسبب الوظيفة ذات العمل المكثف أو المهن التي تتطلب وقتًا وجهدًا يفوق طاقة الشخص بالاحتراق النفسي، كما يتعرض للحالة الأشخاص الذين يشعرون أنهم يقومون بعمل يفوق طاقتهم ويحظى بتقدير غير معادل لما يقومون به، سواءً كانوا موظفين أم مديرين لم تتح لهم الفرصة لقضاء إجازة أو الحصول على ترقيات بعد فترة طويلة. حتى الأمهات، فربة المنزل المسؤولة عن رعاية ثلاثة أطفال، إضافة إلى أعمال منزلها ومسؤوليتها عن والدها الكبير في السن، هي عرضة أيضًا للاحتراق النفسي. لكن الاحتراق لا يحدث فقط بسبب الأعمال المجهدة أو المسؤوليات الكثيرة، هناك أيضًا عوامل أخرى تزيد الإرهاق، أهمها أسلوب حياة الشخص وبعض سمات شخصيته، كيف يقضي أوقات فراغه وما هي نظرته إلى العالم. بيئة فوضوية أسلوب الحياة قد يتسبب بالاحتراق فقد يكون العمل المتواصل دون توفير أوقات للاسترخاء والحياة الاجتماعية، تحمّل الكثير من المسؤوليات بدون مساعدة كافية من الآخرين، عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، بالإضافة إلى عدم وجود علاقات وثيقة داعمة في العمل أو الأسرة. فالإرهاق المتعلق بالعمل قد يسببه الشعور بفقدان السيطرة على العمل، انعدام الاعتراف أو المكافآت للعمل الجيد، التوقعات الوظيفية غير الواضحة أو المبالغة في مطالب العمل، الرتابة والروتين الوظيفي، إضافةً إلى العمل في بيئة فوضوية أو تعاني من ضغط عال. يؤكد الكتاب على أن «الاحتراق النفسي هو عملية تدريجية تحدث على مدى فترة طويلة من الزمن، لا بين عشية وضحاها، ولكنها قابلة للتطور عند الأشخاص الذين لا يولون اهتمامًا لإشارات التحذير، فبالرغم من أن علامات الإرهاق تكون خفية في البداية، فإنها تزداد سوءًا مع مرور الوقت». علامات الاحتراق: الشعور بالتعب والاستنزاف انخفاض المناعة الصداع المتكرر آلام الظهر آلام في العضلات اختلاف الشهية وعادات النوم *علامات نفسية الإحساس بالفشل الشك الذاتي الشعور بالعجز والوحدة فقدان الدافعية السخرية من الآخرين التوقعات السلبية من الآخرين انخفاض الشعور بالارتياح والإنجاز *علامات سلوكية الانسحاب من المسؤوليات الانعزال عن الآخرين المماطلة الاحتياج لوقت أطول للإنجاز الأمور تفريغ إحباط في المحيطين الخروج من العمل في وقت متأخر أو تركه مبكرًا *سمات تسهم في زيادة الاحتراق: الميول إلى الكمال النظرة التشاؤمية للذات وللعالم الرغبة في السيطرة على كل شيء التردد في تفويض الآخرين * بيونغ تشول هان فيلسوف ومنظر سويسري ألماني ولد في كوريا الجنوبية 1959 كان أستاذًا في جامعة برلين للفنون تأثر ب: ميشيل فوكو، جورجيو أجامبين