فرضت التطورات المتلاحقة وخطط التعافي من تداعيات جائحة «كوفيد-19» في منطقة الشرق الأوسط واقعًا جديدًا يجب أن يضعه مختصو العلاقات العامة والتواصل بالشركات والمؤسسات في الحسبان عند صياغة استراتيجياتهم لعام 2022؛ لإرساء أسس جديدة لخطط التواصل الإعلامية، ومواكبة التغيرات الحاصلة. ويستلزم التكيف مع التغيرات الجذرية في العالم دمج أهداف المسؤولية الاجتماعية للشركات، وعملياتها التشغيلية في إطار واحد، وهو ما يمثل فرصة ثمينة للعلاقات العامة؛ لتقديم قصص ثرية من البيئة الغنية التي نعيش فيها للجمهور المستهدف وفي الوقت المناسب وبالطريقة الصحيحة، ومشاركة الرؤى والأفكار لإلهام الجمهور بالإيمان بمستقبل مستدام. وفي الوقت الذي يسير فيه الاقتصاد على طريق التعافي، أصبح التصدي للتغير المناخي وآثاره السلبية، والاستثمار في مستقبل أخضر مستدام جزءًا رئيسًا من خطط التعافي في مرحلة ما بعد الجائحة. وتمثل استضافة مصر والإمارات للمؤتمرين الدوليين المقبلين للمناخ (COP27 وCOP28 ) -إضافة إلى مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في مارس 2021- حدثًا كبيرا للشرق الأوسط، ومن الضروري استغلال هذه المبادرات لتقديم المنطقة بصورة منصفة، ومن الضروري استغلال هذه المبادرات لتقديم المنطقة بصورة منصفة، وأنها نقطة انطلاق مرشحة لمعركة العالم ضد تغير المناخ في السنوات المقبلة، وخصوصًا مع توجهها نحو اقتصاد المعرفة. ومع التغييرات العميقة في العالم، وفي طرق عمل الشركات وتواصلها مع جمهورها وعملائها، عملنا في W7Worldwide على تحديد 7 محاور رئيسية يجب أن يضعها مختصو العلاقات العامة والتواصل بالشرق الأوسط في الحسبان أثناء إعداد استراتيجياتهم لعام 2022. أول تلك المحاور هي الاستدامة (Sustainability)، كونها أحد أبرز توجهات قطاع التواصل بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فالشركات والمؤسسات يجب أن تثبت مسؤوليتها في بناء عالم يحظى باستدامة بيئية، واجتماعية، واقتصادية، وأن تدعم استراتيجياتها المستقبل المستدام. وإلى جانب الاستدامة، تحتاج العلامات التجارية إلى التركيز على هدفها (Brand Purpose)، وبناء استراتيجية قوية للشركات، تدمج فيها مبادرات المسؤولية الاجتماعية مع الاستدامة في أعمالها. إضافةً إلى إعلام الجمهور بهدف العلامة التجارية، وما تقوم به بعد كسب المال، وعدم الاكتفاء بإخباره بما تفعل، وبكيفية عملها. ومما يسهم في تحقيق هدف العلامة التجارية: نشر الثقافة المؤسسية (Corporate Culture) بين العاملين داخلها وبين جمهورها؛ لإبقائهم على علم بآخر المستجدات، حيث برهنت الجائحة أن ثقافة المؤسسة القوية تضمن ولاء الجمهور، والعملاء، والموظفين للعلامة التجارية. ومن المهم أن تراعي الاستراتيجية أسلوب العمل الجديد الذي فرضته الجائحة، عن طريق الدمج بين العمل عن بعد والحضور الفعلي في المكاتب (Hybrid Working)، وجني فوائده بجعل العمل أكثر مرونة، ويتطلب ذلك إنشاء بنية تحتية رقمية قوية. ولذلك فإن مسؤولي التواصل في الشركات يجب أن يصبحوا جزءًا من التقنيات الرقمية، والتواصل الافتراضي، بعد التغير الذي طرأ على طريقة التواصل، حيث أصبحنا نعتمد على التقنيات الرقمية للتعلم، والتسوق، والتواصل. وهنا يأتي دور كفاءات الشباب المتسلح بالتقنيات الرقمية (Digital Technologies). ولا بد لهذه الكفاءات أن تأتي من مصادر محلية (Localization)، فحاضرنا هو الأمثل للانفتاح على الجيل المبدع، وتوظيفه في العلاقات العامة، والتواصل؛ القادر على قيادة التغيير، والتعامل مع جماهير الشرق الأوسط البارعة تقنيًا. كما أن من الضروري خلق علاقة متميزة بين الشركة وجمهورها، تقوم على الثقة، والاحترام، والمصالح المتبادلة؛ من خلال التواصل الإنساني (Humanity)، فمفاهيم الإنسانية، والمسؤولية الاجتماعية للشركات مثلًا أصبحت أساسًا مهمًا لضمان استمرار الشركات، والمؤسسات. وختاما، فإنه رغم التحديات غير المسبوقة التي تواجه الشرق الأوسط، فإن عصرا جديدا يلوح في الأفق يحفل بالطموحات والفرص، ويتحتم على قطاع العلاقات العامة والتواصل أن يكون شريكا أساسيا وعنصرا فاعلا فيه، من خلال استراتيجيات تناسب التغير الحاصل.