في الوقت الذي بلغت فيه قروض بطاقات الائتمان 18 مليار ريال، وبلغت قيمة القروض الشخصية 365 مليار ريال، لا يزال خيار تقسيط المشتريات يتوسع حتى أصبح يشمل حتى الملابس والإكسسوارات التي يتم التسويق لها عبر إتاحة تقسيط المشتريات لمدد تتفاوت بين 3 و 5 سنوات في عدد من المتاجر، بما فيها المتاجر الإلكترونية التي يسوق لها مشاهير السوشال ميديا. وبين الاعتماد على القروض والتقسيط يعيش عدد من الناس حياتهم في دوامة من الدفع والمطالبات الدائمة التي تستهلك رواتبهم وتوقعهم في عدد من المشاكل المالية والقانونية التي تصل إلى حد السجن بسبب عدم المقدرة على سداد تلك الديون. التسويق بالتقسيط وبعد أن كان التقسيط يقتصر فقط على الأشياء مرتفعة الثمن مثل العقارات والسيارات، بدأ يتوسع أكثر فأكثر فشمل الكهربائيات وأجهزة الكمبيوتر، ثم توسعت دائرته أكثر فأكثر، وظهرت مؤخرًا وسيلة جديدة تدعو إليه، وتركز عليه، وهي التسويق الذي بدأته المتاجر الكبيرة والسوبر ماركت، ومنها انتقل كذلك ليصل إلى المتاجر الإلكترونية، حيث بدأت كل هذه المنافذ تسوّق بضائعها بعروض التقسيط، دون تفريق بين سلع غالية الثمن أو متوسطته. ولعل المغري أن الأقساط الشهرية باتت تصل حتى أقل من 50 ريالا في الشهر الواحد، وهو أمر يغري الراغبين، حيث يرون القسط لا يتجاوز ثمن وجبة غداء طبق شعبي في أحد المطاعم التي تسلم وجباتها الفردية بطريقة «الديلفري»، لكن تراكم الأقساط وتعددها يورط أصحابها، حيث يكتشفون مع الوقت أنها تستهلك أجزاء كبيرة ومرهقة جدًا من مرتباتهم، وتوقعهم في ضائقة مالية بسبب اقتطاعها لسداد أقساط الساعة الثمينة، والحذاء، والملابس، والهاتف المحمول، واللابتوب، والعديد من المشتريات التي يتم التسويق لها بالتقسيط الشهري حتى أصبحت بعض تلك السلع متاحة للأطفال الذين يرون في القسط البسيط وسيلة تجذبهم للشراء لتتحول مشتريات جميع أفراد الأسرة للأقساط والقروض، بعد أن سيطرت ثقافة الاستهلاك والدين وتفوقت على ثقافة الادخار. ملابس وإكسسوارات بعد مرور أكثر من عام على حضور رغد لزفاف صديقتها ما تزال تدفع ثمن المشتريات التي ابتاعتها من متجر إلكتروني بالأقساط، فالمشتريات التي بلغ ثمنها 10 آلاف ريال اشترتها دون أن تستشعر الالتزام الذي ستلتزم به لمدة 24 شهرًا، فهي تسدد قسط الفستان 150 ريالًا شهريًا، وقسط الحذاء 36 ريالًا شهريًا، وأقساط الإكسسوارات 70 ريالًا، ليصل مجموع المطلوب منها بشكل شهري إلى 500 ريال على مشتريات لم تعد تستخدمها، وستستمر في الدفع حتى تدفع كامل المبلغ مع فوائد لم تكن محسوبة قبل الشراء. وترى رغد أنها وهي التي ليس لديها أي مسؤوليات تدفع أكثر من نصف راتبها على أقساط وقروض لأشياء استهلاكية لم تعد تستخدمها، أو تستخدمها بشكل بسيط ولا تزال تدفع ثمنها ما أوقعها في ضائقة مالية بسبب تلك الالتزامات التي كانت مغرية في البداية وتدفع الشخص للشراء دون تفكير، ولكنه في النهاية يشعر أنه وقع في خديعة تسويقية، وقد أصبح هذا النوع من الشراء أسلوب حياة لدى كثيرين ممن يعتمدون على القروض والتقسيط في جميع احتياجاتهم الكبيرة والصغيرة. تقسيط الفارهة أما محمد عبدالله الذي اشترى له قبل 3 سنوات سيارة فاخرة يتجاوز سعرها مليون ريال بعد أن اقترض مبلغًا من البنك ليسدد الدفعة الأولى، وقسّط السيارة بدفعة أخيرة يمكن تقسيطها، لتصل سنوات التقسيط إلى 8 سنوات فقد أثقله قسط سيارته الشهري، إضافة إلى أقساط مشترياته الأخرى مثل هاتفه المحمول، الذي يدفع أقساطه مع فاتورته بشكل شهري، وأثاث المنزل الذي تدفع زوجته أقساطه بشكل شهري. وأمام هذا الوضع قرر محمد بيع سيارته ليدفع باقي ديونه للبنك ولمعرض السيارات، إلا أنه فوجئ أن السيارة فقدت حوالي نصف قيمتها، وما تعادله حالًيا لا يغطي مبلغ الأقساط التي لا يزال يدفعها والتي رفعت قيمة السيارة عليه بأكثر من 50%، ليجد نفسه في ورطة لم يعد له من طريقة للخروج منها سوى طلب المساعدة من والده وإخوته الذين يمدونه بالعون بشكل شهري بعد أن زادت مسؤولياته الأسرية، وباتت الأقساط التي التزم بها قبل سنوات تستقطع جزءًا كبيرًا من راتبه. ويرى محمد أن الأقساط تكون مغرية في البداية سواء لشراء الاحتياجات رخيصة الثمن أو مرتفعة الثمن، ولكنها تصبح ورطة بعد أن تثقل كاهل المقسط وتجعله يدور في دوامة الديون ليخرج من ديونه التي تتراكم إما بسبب التأخر في سدادها أو بسبب صعوبة تسديدها، مؤكدًا أن الشراء السهل الذي بات طريقة تسويق شائعة، صار مغريًا، لكنه أيضًا يورط الملتزمين به، إذ أن الصعوبة تبرز لاحقًا عند السداد والالتزام الشهري بالدفع. ثقافة جيل ترى الأخصائية الاجتماعية فاطمة العلي أن «نظام الاقتراض والتقسيط أصبح ثقافة جيل كامل ولا يمكن الانفكاك من هذه الثقافة إلا بترسيخ ثقافة الادخار التي أصبحت غائبة تمامًا عن أغلب الشباب الذين يرون أنهم غير قادرين على الادخار، ولكنهم قادرون على تقسيط مشترياتهم وطلب القروض من البنوك، وهذه الثقافة هي التي دفعت الآخرين لتقديم بضائعهم وعرضها بنظام التقسيط حيث إن بعض المواقع الإلكترونية لا تتيح نظام التقسيط سوى في السعودية لأنه وسيلة لزيادة دخلهم ورفع قيمة المشتريات لديهم»، مشيرة إلى أن ثقافة الادخار تبدأ من داخل الأسرة وثقافة الاستهلاك أيضًا، حيث إن بعض الأسر جميع أفرادها مشترياتهم بالتقسيط. ارتفاع القروض تظهر بيانات البنك المركزي السعودي ارتفاعًا في مختلف أنواع القروض الشخصية باستثناء قروض ترميم المساكن التي انخفضت خلال 5 سنوات بنسبة 35.5%، في حين ارتفعت قروض السياحة والسفر خلال ذات الفترة 5 أضعاف بنسبة 572.9% لتبلغ في 2020 حوالي 572 مليون ريال بعد أن كانت في 2015 حوالي 85 مليون ريال، كما ارتفعت قروض الأثاث بنسبة 144.5%، وقروض السيارات ارتفعت بنسبة 54.5% لتبلغ حوالي 14.4 مليار ريال، كما ارتفعت قروض التعليم بنسبة 554.3%، أما قروض البطاقات الائتمانية فارتفعت بنسبة 79.9% من 10.2 مليارات ريال في 2015 لتصل إلى 18.3 مليار ريال في 2020. ترويج إلكتروني يرى الخبير التقني محمد العوامي، أن التسويق الإلكتروني وانتشاره بشكل كبير، ودخول كثيرين فيه، واستخدام طرق وأساليب تسويق متنوعة لم تكن شائعة غالبًا، دفعت كثيرين للشراء بشكل كبير سواء تعلق ذلك بالاحتياجات الضرورية أو الكماليات، بل ووصل الأمر حتى إلى أشياء لا يحتاجون لها لكنها ظهرت لهم في إعلان جاذب فاشتروها، مشيرا إلى «أن استخدام مشاهير التواصل الاجتماعي في الإعلانات أحد الطرق الأكثر جذبًا خصوصًا للشباب والمراهقين الذين يجذبهم محتوى الإعلان وطريقة تقديمه من قبل المشهور، وبعد نجاح المشاهير في تسويق عدد من المنتجات بأسعار تفوق سعرها الحقيقي بأكثر من الضعف توجهوا الآن لتسويق المنتجات بأسلوب التقسيط وهي وسيلة جاذبة خصوصًا لصغار السن الذين لا يمتلكون دخلًا ماديًا ثابتًا، ويعتمدون على ذويهم في مصاريفهم، فيجدون في تقسيط تلك المشتريات طريقة جاذبة لحصولهم عليها دون وعي منهم أن الشراء المستمر بهذه الطريقة سيضعهم وذويهم في ديون ومشاكل مادية لا تنتهي». ويضيف العوامي أن «أغلب الإعلانات الإلكترونية سواء المروّجة في مواقع التواصل أو إعلانات المشاهير أصبحت تروج للشراء بالتقسيط لفترات قصيرة بين 3 إلى 6 أشهر، وبأسعار شهرية بسيطة جدًا بعضها يصل إلى 20 ريالًا أو أقل لكل منتج في كل شهر، وهذا المبلغ البسيط هو ما يدفع المستهلك لشراء المزيد». وأشار إلى خطورة مثل هذا التسويق على ثقافة المستهلك، حيث تدفعه للشراء الدائم، والتقسيط، وعدم تقييم السعر الحقيقي للمنتج، وعدم تقييم سعر شراء المنتج الذي قد يكون في متاجر أخرى بسعر أقل دون عروض التقسيط، والأخطر أنه يستهدف الترويج للكماليات، فبعد أن كان أسلوب تسويق للجوالات والأجهزة الكهربائية والأثاث، أصبح لتسويق الملابس والأحذية وحتى مشتريات البقالة. مبالغ القروض الشخصية الممنوحة من قبل البنوك على مدى 6 سنوات ترميم وتحسين عقارات= - 35.5% 2015= 37.021 2016= 29.080 2017= 30.028 2018= 28.055 2019= 25.648 2020= 23.872 سيارات ووسائل نقل شخصية = 54.5% 2015= 9.429 2016= 9.328 2017= 16.720 2018= 16.789 2019= 15.625 2020= 14.469 أثاث وسلع معمرة= 144.5% 2015= 4.912 2016= 4.822 2017=10.784 2018=12.499 2019= 12.462 2020= 12.012 تعليم= 554.3% 2015= 637 2016=958 2017=3.722 2018=3.522 2019=3.239 2020= 4.168 الرعاية الصحية=76.3% 2015=312 2016=506 2017=566 2018=703 2019=559 2020= 550 سياحة وسفر=572.9% 2015=85 2016=72 2017=324 2018=484 2019=455 2020= 572 أخرى= 21.5% 2015= 254.789 2016=273.500 2017= 255.515 2018= 259.234 2019= 275.450 2020= 309.605 المجموع= 18.9% 2015= 307.185 2016=318.265 2017=317.659 2018=321.287 2019= 333.439 2020= 365.248 قروض البطاقات الائتمانية= 79.9% 2015= 10.213 2016= 10.958 2017= 12.094 2018= 15.332 2019= 19.054 2020= 18.373