في الوقت الذي لا يزال نحو 11 أسرة ممن تضررت منازلهم نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها قرى محافظة ضمد بمنطقة جازان ينتظرون إيواءهم أو تقديم المعونات لهم في منازلهم، أوضح رئيس بلدية محافظة ضمد المهندس عبدالله الحربي أن السيول سالت في مجراها الطبيعي، ولم تكن هي السبب في غرق تلك المنازل حيث إن مناسيب المنازل هي أقل من منسوب الأراضي الطبيعية كونها حقولا زراعية تحولت إلى مناطق عمرانية. "الوطن" زارت المنازل المتضررة وبالتحديد في قرية "الجهو"، ورصدت معاناة عدد من المواطنين الذين لم يتمكنوا من الاستفادة من الإيواء بالشقق المفروشة بسبب ظروفهم المعيشية القاسية. في البداية، قال أحمد علي صروي: زارني وفد من الدفاع المدني واطلع على ما لحق بي من أضرار، وطلبوا مني اللحاق بهم في أحد المواقع المخصصة التي سيتم إيواؤنا فيها إلا أن ظروفي المادية لا تساعدني على توفير قيمة المواصلات، ولعدم امتلاكي سيارة لم أتمكن من الذهاب للموقع، وكان من المفترض على الجهات المعنية توفير وسيلة تقل الأسر الفقيرة والمعدمة ممن هم في مثل حالنا، أو أن يبادروا بتوفير سلال غذائية وبعض المستلزمات الضرورية التي أصبحنا في حاجة ماسة لها. وأضاف فؤاد ناصر شيخ: لولا العناية الإلهية لما استطعت إنقاذ عمتي من الغرق بعد أن تحول منزلها إلى بحيرة، بسبب ارتفاع الطبقة الأسفلتية عن المنزل، وهذا خطأ فادح من قبل الجهة المنفذة، وكان يجب عليها التنسيق مع الجهات الخدمية كافة لتنفيذ خدمات البنية التحتية كمشروع تصريف. من جهته، أكد محافظ ضمد محمد المدخلي أن عدد المنازل المتضررة من الأمطار الأخيرة يصل إلى 44 منزلا، وأنه تم استئجار شقق مفروشة لإيوائهم بخلاف عدد من الأسر رفضت النزوح، موضحا أن المنازل المتضررة لم تتعرض لسيول منقولة أو نتيجة جريان الأودية عبر المناطق الجبلية، بل إن كمية الأمطار الغزيرة التي لم تشهدها المحافظة من قبل كانت السبب وراء تضرر تلك المنازل. وأشار إلى أن غالبية المنازل التي تعرضت للغرق هي منازل شعبية أدنى من مستوى الشارع ما أدى لدخول المياه لها، مضيفا أنه تم تكوين لجنة لحصر الأضرار بتوجيه ومتابعة من أمير جازان الأمير محمد بن ناصر مكونة من الدفاع المدني والشرطة والمالية والمحافظة، لافتا إلى أنه تم توجيه بلدية المحافظة بتصريف مياه الأمطار من المنازل المتضررة عبر عدد من الصهاريج والوايتات. وعن غياب مشروع تصريف الأمطار، أكد رئيس البلدية أنه سيكون مدرجا ضمن أولويات واحتياجات البلدية لحاجة تلك القرى لخدماته، مبينا أن المنازل المتضررة قد تتعرض للسقوط في حال هطول أمطار غزيرة أخرى ويجب إعادة تأهيلها. وعن الحلول المقترحة للحد من التمدد العمراني بتلك القرى، أشار الحربي إلى أن البلدية سترفع مقترحا لدراسة وإنشاء مخطط سكني حسب طرق علمية مدروسة أشبه بالمراكز الحضرية، في أماكن مرتفعة وبعيدة عن المزارع تتولاها وزارة الإسكان ضمن مشاريعها للحد من التمدد العمراني وخصوصا بقرى الجهو ومحبوبة والقائم والحرجة. 60% من سيول المملكة في جازان جازان: حسين معشي بالرغم من أن جازان تستأثر ب 60% من سيول المملكة إلا أنها تخلو من وحدة إنقاذ جوي، فأودية جازان الجارفة تبتلع سنويا العشرات من أبناء المنطقة، وذلك دون سابق إنذار وبسرعة مباغتة، حيث بات الأمر ملحا لتركيب أجهزة إنذار تنذر بقدوم سيول جازان المباغتة وإنشاء أسطول طائرت إنقاذ مروحية بالمنطقة. ووفقاً لدراسة أعدها مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية بالاشتراك مع الغرفة التجارية الصناعية بجازان، فإن منطقة تهامة التي تمتد بطول 270 كلم وباتساع يصل إلى 45 كلم، تستأثر بأكثر من 60% من كمية السيول في المملكة، حيث تبلغ هذه الكمية أكثر من (1250 مليون م3/ عام)، ويصل عدد الأودية الرئيسية إلى 12 واديا ومثلها فرعية. وتضيف الدراسة أن معدل هطول الأمطار في جازان يرتفع خلال أبريل ومايو وأغسطس، بينما تسقط الأمطار الشتوية بين نوفمبر ويناير. كما أن مرتفعات جازان من أكثر مناطق المملكة هطولاً للأمطار، إذ تصل كميتها إلى 600 ملم/ السنة وتقل كلما اتجهنا غربا نحو البحر الأحمر. من جانبه، أكد أمين عام غرفة جازان المهندس أحمد القنفذي أن من أبرز الأسباب التي تجعل سيول جازان أكثر خطراً التوسع العمراني الهائل وغير المخطط له مسبقا في مجاري الأودية، وإنشاء عشرات الحواجز الترابية الحديثة بشكل عشوائي أدت إلى تغيير مجاري الأودية حتى إن العديد من الأودية انطمست معالمها وتغيرت مجاريها بسبب هذه الحواجز العشوائية، وكذلك الاستنزال الهائل لرمال الأودية في أغراض البناء وإحداث حفريات تصل لعدد من الكيلومترات أدت إلى تكوين بحيرات وغيرت مجاري الأودية وأصبحت مصائد للأرواح ومصدراً للأوبئة. وأدت الزيادة السكانية وقلة خدمات النظافة إلى تحويل بعض الأودية إلى مرامي للنفايات وتسببت هذه الأكوام من النفايات في تعديل مجاري بعض الأودية وتلويث المياه والأراضي الزراعية عن طريق السيول المحملة بالنفايات. وأضاف أن الحل الوحيد وضع آلية لتنفيذ الحواجز وتكوين لجنة عليا لإزالة جميع الحواجز الحديثة وإيجاد حملة لتنظيف الأودية ومنع رمي النفايات فيها.