سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مهر الأحلام 4: (السوق) بدأت أصيخ السمع عن (قنا)، وبدأت أستشعر أن قريتي الصغيرة ترتبط بالمدينة المجاورة كل يوم (اثنين) من كل أسبوع، حيث يركب والدي على الدابة التي تجهز في الليل بالمرعى والماء ليتجه بها إلى السوق قبل مطلع الشمس
حينما بدأت مرحلة المدرسة بدأ أحمد يسمع أن هناك سوقا وأن هناك مدينة أكبر من قريته، كان يبحث عن فرصة ليرى تلك المدينة.. يقول: بدأ سمعي يتفتح كلما سمعتهم يذكرونها، وكان القدر أن أدخلها أول مرة محمولا على يد والدي رحمه الله حين أصبت ب(رعاث) جعلني أنزف دما حتى خشي على والدي وحملني إلى طبيب يقال له (عبد الهادي) وبرغم مرضي لحظتها، لكنني ما زلت أتذكر جيدا كل ما حولي في طريقي إلى المستوصف؛ تلك الكراسي التي لم أكن أعهدها؛ بيضاء معطوفة الوسط، كما أني أتذكر رائحة المطهرات، وما فعله الطبيب بأنفي حين حشاه بمادة لا أعلم كنهها ولكني ما زلت أتذكر جيدا كم آلمتني.. وعلى كل حال فقد تيقنت أن هناك عالما خارج حدود أرض قريتي التي بدأت أشعر أنها تنفتح شيئا ما على عالم آخر..! بدأت أصيخ السمع عن (قنا)، وبدأت أستشعر أن قريتي الصغيرة ترتبط بهذه المدينة كل يوم (اثنين) من كل أسبوع، حيث يركب والدي على الدابة التي تجهز في الليل بالمرعى والماء الكافي ليتجه بها إلى السوق قبل مطلع الشمس، ويعود إلينا مع العصر يحمل (العجوة) و(المضروب) وشيئا من خير قليل، تطور بعد إلى ثياب للعيد ولعب من سيارات ومسدسات وطراطيع... بدأت أكبر ويكبر معي أمل أن أذهب إلى هذا السوق لأرى ما فيه.. كانت الفرصة مواتية؛ حينما قررت المدرسة أن تشارك في مسابقة للقرآن في مدرسة أبي أيوب الأنصاري أول مدرسة حكومية أنشئت في المدينة كلها كان الطريق مع وسط السوق وكان يوم (الاثنين) وهو يوم السوق كنا ثلاثة أنفار، وكنت شديد الحرص ألا يفوتني منظر من ذلك السوق أبدا.. وكبرت وكنت ما زلت أحب السوق، كنت أنتظر مع أستاذي (علي الهلالي) الذي كان يأتي من السوق ليدرس لنا في مدرسة (الفهم) الابتدائية، وحينما ينتهي دوام يوم الاثنين انطلق معه أحيانا إلى السوق، ونعم إننا نأتي إلى ذلك السوق وقد بدؤوا يزمون بضاعتهم في رحالهم، ولا سيما أولئك الباعة الذين يأتون من بعيد؛ من أطراف المدينة الشمالية (محايل) أو الشرقية (رجال ألمع) أو من الغربية (خميس البحر) ليطرحوا بضاعتهم على المتسوقة. عبدالرحمن المحسني شاعر وناقد