الكلمة مسؤولية، والكتابة، لا سيما في الصحف الرسمية أمانة، والاتزان مطلب، وفقه المآلات واجب، والقول السديد مأمور به، وإلقاء الكلام على عواهنه بكل جرأة وإثارة منهي عنه. ومن كان متكلماً فليقل خيراً، وإلا فحسبه السكوت إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر. ومع الأسف نقرأ بين الفينة والأخرى مقالات تتضمن معلومات غير صحيحة، وأحياناً معلومات مسيئة، وإثارة فتن نائمة، ومن ذلك: 1. أني قرأت مقالاً لأحدهم، تحدث فيه عن بلادنا المباركة السعودية، زعم - وبئس ما زعم - أن المتطرفين يتخذون السلفية شعاراً والوطنية وسيلة، ويكثرون القول بأن سبب بقاء الدولة هو تمسكها بالإسلام، وحمايتها التوحيد والعقيدة السلفية. فيا سبحان الله ما أضر الجهل على أصحابه، كيف يكون القائل بأن التوحيد ونصرة العقيدة السلفية، والتمسك بالإسلام، سبب للعز والتمكين والبقاء، متطرفاً؟ أما قرأ قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»، إن تنصروا الله أي: بالتمسك بدينه ونصرته، أما قرأ أن التمسك بالدين سبب للأمن بعد الخوف، كما في قوله تعالى: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً». ألا يعلم أن ملوك هذه الدولة المباركة يقولون ما قاله الله ورسوله من أهمية التمسك بالإسلام وأنه سبب الأمن والخير. قال الملك المؤسس عبدالعزيز: «لا عز لنا إلا بالإسلام، ولا سلاح لنا إلا التمسك به، وإذا حافظنا عليه حافظنا على عزنا، وهو سلاحنا، وإذا أضعناه ضيعنا أنفسنا، وبؤنا بغضب من الله». وقول الملك عبدالعزيز هذا قال به جميع أبنائه الملوك، رحمهم الله، وحفظ الله الملك سلمان، وأقوالهم أمامي الآن، ولو نقلتها لما اتسعت له مساحة المقال، فكيف يوصف من قال بهذا القول بالتطرف؟! 2. وأما انتقاد صاحب المقال لمن يقول، إن «سبب بقاء الدول وعزها هو حماية التوحيد والعقيدة السلفية». فإني أقول: إن حماية التوحيد والعقيدة السلفية ليس محل انتقاد، بل هو شرف عظيم، ناله ملوك هذه الدولة بدءاً من الإمام محمد بن سعود- رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- حفظه الله. يقول الملك عبدالعزيز- رحمه الله: «نحن نفتخر بالدين الإسلامي، ونفتخر بأننا دعاة مبشرون لتوحيد الله ونشر دينه، وأحب الأعمال إلينا هو العمل في هذا السبيل، بأننا نلنا فخراً يزيد عن فخر الملك وأبهته. أجل، نحن دعاة إلى التمسك بالدين الخالي من كل بدعة». ويقول: «يعلم الله أن التوحيد لم يملك علينا عظامنا وأجسامنا فحسب، بل ملك علينا قلوبنا وجوارحنا». ويقول: «والله وبالله وتالله أقدم دمي ودم أولادي وكل آل سعود فداء لهذه الكلمة- كلمة التوحيد- لا أضن به». 3. تحدث صاحب المقال عن أشخاص كانوا من رجال الملك عبدالعزيز، ثم قدر الله أن خالفوه، فأرسل إليهم العلماء ليعودوا إلى الصواب، وبين مكانتهم عنده وأنهم من رجاله، لأنه حريص على هدايتهم، ولكن قدر الله أنهم لم يرجعوا إلى الصواب، بل أخطأوا وواجهوه في السبلة، فانتصر عليهم، ومع ذلك عالج جرحاهم، لأنه كالأب الرحيم لهذا الشعب، فهو باني وحدة، نظرته بعيدة المدى، قال لأحد خصومه «دمدوم وجرف مهدوم، تجي ظالما، وتعود سالما، ولن ترى ما يغث خاطرك»، فهو، رحمه الله، جامع شمل لجميع أبناء الوطن، لا يلجأ إلى الشدة إلا إذا لم يكن للصبر موضع، فهو بأبناء شعبه عطوف رحيم، ولهذا فإن أبناء وأحفاد من ذكرهم صاحب المقال من خيرة رجال الدولة عسكريين ومدنيين، وما كان له أن يقحم نفسه في ذكر أشخاص وأمور انتهت، لا مصلحة من بعثها من مرقدها. وقد قال الله تعالى: «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون». ونحن نحمد الله بأن منهج ملوكنا هو تعزيز اللحمة الوطنية التي تجمع ولا تفرق، قال خادم الحرمين الشريفين «ملوكنا منذ عهد الملك المؤسس، والملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمهم الله، على نهج أسلافهم ووالدهم، النهج الذي يجمع ولا يفرق».