وداعا أيها القائد الفذ، والمربي القدير، وداعا أيها الشامخ العظيم، والمعلم الكبير، وداعا يا أنقى الرجال وأطهرهم، ويا أنبل الناس وأخلصهم. لم يكن رحيلك عاديا وعابرا، وأنت الذي كنت حاضرا في تفاصيل حياتنا وحياة هذه المدينة.. لقد كان الأستاذ ضياء رقما صعبا في مسار الثورة والمقاومة ومعركة الجمهورية، وخاض غمار التحدي والصعاب في سبيل الحرية والكرامة والدولة المدنية، وسجل تاريخا طويلاً من النضال الذي لا ينتهي.. كان رجل البدايات في أحلك الظروف والتحديات، ثائرا ومناهضا ومقاوما للظلم والاستبداد والعنصرية، ومشاريع الموت والخراب.. كان هامة سامقة وشعاعا واسعا من النشاط في كل الميادين، صاحب واجب وموقف، يبزغ من حوله النور، وينسج من وهجه خيوط الأمل، ويزرع في القضية، الأرض والإنسان بذور الخير والعطاء. كان يحمل روحاً عنفوانية.. يفوح منها عبير المودة والابتسامة الدائمة، وتسكنها البساطة والتواضع، والقيم المُثلى، متجردة من حب الذات، وصاحب رأي ناضج وسديد، ومبدأ واضح وصريح.. فقد كان -يرحمه الله- مدرسة في الأدب والأخلاق والتعامل اللائق بحب وتفان، وحلقة التوازن بين الجميع، في توحيد الصف والكلمة، وتصويب الأخطاء وتصحيح المفاهيم المغلوطة بكل رقي ووقار. كان علما في الأرض، ونجما في السماء، ومنبرا للحق، وللقضية نورا وضياء. ذلك الطوفان البشري الذي خرج لتشييعك أيها الضياء، بمثابة استفتاء شعبي كبير لدورك وحضورك البارز في تفاصيلهم، وتفاصيل هذه المدينة التي وهبت نفسك ودمك في سبيلها وسبيل هذا الوطن أرضا وإنسانا. ذلك الوداع المهيب يليق بك، وبعظمتك أيها الصادق النقي، ودعناك اليوم، وعلى دربك نمضي والملتقى الجنة بإذن الله.