لا أعلم من أين أبدأ أو ماذا أقول، فشعور الانتماء للوطن ومحبته تخلط جميع المشاعر، فتصبح حينها دون مفردات كافية لتجسيد ما يخالج نفسك من امتنانات عظيمة نشعر بها أمام ما يقدم لنا هذا الوطن. فبدأت رحلة الوطنية الشامخة في داخلي، تلك الوطنية التي لا تعبر بكلام يقال، ولا عبارات شعر، وقصائد غزل غناء لهذا الكيان، لا أبدًا ليس كذلك. كبرنا وكبر معنا حب الوطن الذي كان فطرة بداخلنا منذ الولادة. غرس فينا الوالدان -رحمهما الله- أن الوطن هو السماء التي تظلنا والأرض التي نعيش عليها، وأن حكامها هم عزنا وفخرنا وقادتنا وولاة أمرنا. هذا الغرس زرع بداخلي، وبدأت اتمعن في التاريخ السعودي وكيف أصبح هذا الصرح الشامخ بين الشعوب، فأبحرت في التاريخ الذي يحكي كيف تأسست هذه الدولة العظيمة، وكيف أقدم المؤسس بشجاعة غامرة وهو يبلغ من العمر 25 سنة وبعض من رجاله الذين بلغ عددهم 60 رجلًا في رمضان من الكويت قاصدين الرياض لاقتحام قصر المصمك واستعادة الرياض واسترداد بقية بلاد نجد فلم يكن في عينيه ذلك الوقت إلا مستقبلنا الآن، لم يمنعه عدد رجاله ولا صغر سنه فكان متسلحًا بالدين مؤمنًا بالله لتحقيق دولة عظيمة، وفعلًا تحقق الحلم وأصبح حقيقة، وتوحدت جميع أجزاء المملكة العربية السعودية بشكل رسمي يوم 21-05-1351ه/23-09-1932م. وبزغ نور الصباح معلنا السعودية العظيمة، وسطر التاريخ كل ذلك لتكون سعوديتنا مضرب الأمثال بين الشعوب في الإقدام والمهابة والإصرار والعزيمة. فعن ماذا أتحدث وعن ماذا أقول؟ فكل ملك تولى الحكم بعد المؤسس، له قصص ومآثر عظيمة تكتب بماء الذهب وتكتب في مجلدات أبوابًا وفصولًا. فذات يوم تشرفت بزيارة معرض الفيصل شاهد وشهيد في يوم 1436/02/05ه في محطته التاسعة جازان، وكان المعرض مقام ا في الجامعة. تجولت في أرجاء المعرض الذي يحكي سيرة بطل ويشعرك بالفخر لانتمائك لهذا الوطن، حينها بدأت نقطة الانطلاقة في داخلي، حكامنا يستحقون منا المزيد لما يبذلون في سبيل رخاء البلاد، لم يعيشوا طفولتهم عاشوا بمسؤولية شعب ودولة. عشت لساعات معدودة في ذلك المعرض المعاناة، وطموح وإصرار حكامنا، الذين لا تستطيع أي معارض في العالم أن تجسدها، حينها أحسست بأنني أميرة زماني وهؤلاء ولاة أمري، جعلني ذلك الإحساس أصر على التميز والإبداع، حلق بي في سماء كلها إنجازات وتقدم وعطاءات وتفرد، فلم أكن حينها أشاهد مقتنيات ومخطوطات وأوسمة وصور فوتوغرافية ولقطات الفيديو، الموجودة في كافة أنحاء المعرض، بل كنت أعيشها وكأنني في ذلك الزمان الذي بنى حاضرنا الآن، فقد كان ملكا بكل ما تحمله هذه الكلمة من عبارات في طياتها قائد، بكل تفاصيل حياته حازم، وبكل وعوده منجز، وبكل مشاريعه محب لتراب الوطن. وهذا ما قام به كل ملك تولى حكم هذه البلاد، أردت حينها أن أقترح أننا بحاجة لمعارض دائمة في كل منطقة تحكي قصة ملوكنا العظام، لرسم ابتسامة الفرح والامتنان، وكم نحن محظوظون بهم فعلًا على الدوام، ولتغرس في نفوس النشء حب الوطن، الذي لم يأت من فراغ بل جاء بعد معاناة وإنجاز الأسود. دمعت عيناي فخرا وشموخا وعزا، فلم تكن زيارة بالنسبة لي فقط، بل كانت رحلة عبر الزمان، ابتداءً من المؤسس الملك عبدالعزيز، ثم الملك سعود، ثم الملك فيصل، ثم الملك خالد، ثم الملك فهد، ثم الملك عبدالله، رحمهم الله وطيب الله ثراهم، وحفظ لنا ملكنا سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. بعد ذلك أخذت على عاتقي التميز وغرس الإبداع وحب الوطن لأنه يستحق منا الكثير وأن الوطنية رفع اسم الوطن شامخا بين الشعوب. وحصلت ولله الحمد على إنجازات على المستوى الوطني والخليجي والعالمي، ذلك كله بفضل الله ثم حب الوطن الذي فاق كل المشاعر، ونظل نخدم وطننا ونرفع رايته في جميع المحافل لأنه يستحق القمة دائما.