يحكى أن رجلا كان جالسا مع ابنه في صالة المنزل، فسمعا صوت صحون تتكسر، ثم ساد الصمت برهة، فقال الابن لأبيه: إن أمي هي التي كسرت الصحون، فقال الأب: وما أدراك؟! ربما تكون أختك، فقال الابن - بثقة -: لو كانت أختي لسمعنا صوت أمي توبخها!. هذا ما يحدث في واقعنا، خاصة في مجالات العمل، فحين يخطئ الموظف الصغير يصبون عليه جام غضبهم، أما إذا أخطأوا هم، فيتعاملون مع الموضوع على طريقة «سكتم بكتم»، مما أحدث فجوة كبيرة بين صغار الموظفين وكبارهم، ناتجة عن تناقض لا يكاد يسلم منه أحد، فلم تعد هناك ثقة بين الرئيس والمرؤوس. أما في الأسرة، أساس التربية وتكوين شخصية الفرد، فحدث ولا حرج، إلى أن صارت العلاقات بين أفراد المجتمع قائمة على ترصد الهفوات وتتبع العثرات وترقب الزلات. إن عدم الاعتراف بالأخطاء أو رميها على الآخرين، خاصة من أصحاب المنصب وأهل القدوة ووجهاء المجتمع وكبار السن، يعطي انطباعا غير جيد لدى من هم دونهم، حتى يكاد الأمر أن يتوارث حين يرتقي أولئك إلى مراتب أعلى. الكل يقول إن «الاعتراف بالخطأ شجاعة»، ولكن الشجاعة ليست في اعتراف «البريستيج» على أخطاء بسيطة، إنما تكون للأخطاء العميقة والجسيمة أو التي «جابت العيد»!. قيل لحكيم: هل كان جدك حكيما مثلك؟، فقال الحكيم: نعم، ولكنه كان حكيما متناقضا، فقيل له: وكيف ذلك؟، فقال: أتعثَّر ب«كاسة الشاي»، فيقول ليّ: «أنت.... ما تشوف»، ولما يتعثر هو بها، يقول: «من.... الذي وضع الكأس في طريقي؟». أكتب إليكم بعد أن ارتكبت خطأ فادحا، يضاف إلى سلسلة أخطائي المؤسفة، لكن معاذ الله أن أخبركم بقصتها أو أعترف بها، إنما - لا ضير - أن أقر أمامكم، ماثلا بين أيديكم وأعترف إليكم، حيث إن الاعتراف بالحق فضيلة، بأنني مثلا امممم نسيت وضع الشطة في «صبة» الفلافل، وتأخرت عن موعدي غير المهم دقيقتين و54 ثانية، ولم أحتسِ القهوة، كما يفعل المثقفون، إنما «جغمتها» عدة «جغمات».. فسامحوني.