أكثر من 20 عاما قضتها المسنة "أم عبدالعزيز" في دار الرعاية الاجتماعية بعد أن عجز أبناء أختها عن رعايتها والتكفل بها عندما تجاوزت الخمسين عاما، و"أم عبدالعزيز" اسم اختارته منسوبات الدار للمسنة، فلم يرزقها الله بأبناء أو بنات، وهي تعتبر من أقدم المسنات ومن أوائل من دخلن الدار. ورغم أن أم عبدالعزيز مقعدة، ومصابة بالضغط، والسكري، والربو، والكلى، إلا أن ذلك لم يمنعها من صيام رمضان، بل استطاعت أن تصوم شهر شعبان بأكمله متجاهلة تعليمات الطبيب والمشرفات على رعايتها باحثة عن الأجر من الله. وقالت أم عبدالعزيز ل"الوطن" إنها تقضي يومها في الاستماع إلى القرآن الكريم مستعينة بسماعات تضعها في أذنها طوال اليوم، كما تعد بين فترة وأخرى أطباقا شعبية، وتصنع الخوص كلما سمحت لها صحتها بذلك. وتعد رحلة التنزه إلى البحر من أحب الرحلات إلى نفسها، حيث تجد فيها على حد قولها الحياة والأمل، والتفاؤل، والهدوء، مما يسمح لها بالتدبر في صنع الله، وهي ضيف دائم على حصص الدروس الدينية، وتبادل الأحاديث مع المقيمات في الدار. وهكذا تؤدي دور الرعاية الاجتماعية دوراً حيوياً، حيث تصبح الملاذ الأخير لمن أجبرتهم الظروف على استيطانها والبقاء بين جدرانها، لتبدأ حكايات أخرى. مشرفة القسم النسائي في دار الرعاية الاجتماعية لولوة الزقدي تبين أن عدد المسنات في الدار 13 سيدة غالبيتهم طريحات الفراش، وذاكرتهن ضعيفة، حيث لا يتخلى عنهن ذووهن إلا بعد أن تسوء حالتهن الصحية، ويحتجن لرعاية مكثفة، ولا تسمح لهم ظروفهم المادية برعايتهن. وأضافت أن أقارب النزيلات عادة ما يأتون لزيارتهن في شهر رمضان، وفي الأعياد، كما أن الفرق التطوعية كثيرا ما تقدم برامج للمسنات طوال العام. فيما أوضح مدير الدار خالد الملا إلى "الوطن" أن "الدار أعدت مجموعة من البرامج الدينية، والترفيهية، والصحية الخاصة بشهر رمضان المبارك بهدف نشر الفرحة والسرور في قلوب نزلاء الدار، ومشاركتهم البهجة بشهر رمضان المبارك عبر التواصل مع أقاربهم الذين يزورنهم في الدار، ويهنئونهم بالشهر الفضيل". وأضاف أن الدار تحرص على تكثيف البرامج الدينية تناسبا مع شهر رمضان عبر استضافة مشايخ يقدمون دروسا للمسنين، بجانب الاستعانة بالبرامج الدينية المسجلة التي تتحدث عن فضائل الصوم، وأهم العبادات التي يقبل عليها الصائم، ومجموعة من الفتاوى التي تتعلق بالصيام. وأضاف الملا أن البرامج الرياضية تعد أحد الأنشطة التي يمارسها المسنون القادرون على الحركة، ويشعرون بالمتعة والترفيه، حيث يلعبون كرة السلة، والبلياردو مع بعضهم بعضا. وعن طبيعة الأطعمة التي تناسب المسنين، قال "في مائدة الإفطار نحرص على التنوع في الأطعمة للمسنين بحيث تتناسب مع برنامجهم الغذائي مع التركيز على الأكلات الشعبية بصورة صحية وبعد الإفطار يتبادل المسنون الأحاديث حول رمضان في أيامهم كيف كان وأهم العادات المرتبطة بالشهر الكريم ويستمتعون بالرحلات التي تنظمها الدار إلى الأماكن العامة والمجمعات التجارية للترويح عن أنفسهم.