تلقيت بكل الأسى والحزن خبر وفاة أخي وصديق عمري ورفيق دربي محمد الجعيد -رحمه الله- بعد معاناة مع المرض. رحل الرجل الطيب الوفي صاحب الابتسامة الصافية والقلب الأبيض، رحل أجمل وأصدق إنسان عرفته في حياتي، وكانت آخر كلماته لي دعواتك لي يابو عبدالله، وقتها أحسست بالألم والحزن وشعرت بأنها كلمات الوداع. لم يخبرني بمرضه، أخفى عني آلامه وأوجاعه، ولعله أشفق على قلبي حتى لا يراني حزينا. رحل بكل هدوء، كان يتألم من الداخل، ومع ذلك يبتسم كعادته، وينثر الفرح في قلوب من حوله. لأول مرة في حياتي أجد قلمي عاجزا عن ترجمة مشاعري وأحاسيسي، إن تحدثت عن مواقفك معي يا صديقي فهي كثيرة، كنت فيها الأخ والصديق الذي أحببته طوال حياتي، كنت سندا لي بكلماتك وبسؤالك عني، وجدت منك الحب والصدق والعطاء. كانت يدك سخية وقلبك رحيما، تنفق في دروب الخير وصاحب نخوة وشهامة. كان يعطي ويبذل كل ما يستطيع من أجل أن يرى الفرح يعانق من كانوا يحتاجون إليه. كان يرحمه الله كريما ويحب الناس ويتواصل معهم ويقترب منهم، ودائما يحرص على أن يجمع أصدقاءه من حوله بشكل مستمر، وخاصة الذين تربطه بهم ذكريات الطفولة، ويحرص على السؤال عنهم وتفقد أحوالهم. كان رمزا للوفاء، رجل من طراز نادر ومن زمن آخر، حملت شخصيته الكثير من الصفات الراقية، لذلك أحبه الجميع بدون استثناء. كان أقرب الناس إلى قلبي ويفهمني، يحمل قلبا طاهرا، يتميز بحسن الخلق، لم يعرف الكراهية ولا الحقد، كان كثيرا ما يسامح الآخرين، قدم في حياته كل ما يستطيع من أجل إسعاد غيره، فكان الوداع بحجم العطاء، وكانت الدموع والآهات هي التي تحكي محبة الناس له. في يوم وفاته، حزنت عليه القلوب الصادقة التي عرفته، بكته المشاعر والأماكن، أشعر بأنني فقدت نفسي برحيله. ماذا أقول وماذا أكتب؟ فدموعي اليوم هي من تحدثكم عن قيمة هذا الرجل وأهميته في حياتي، فإن كنت رحلت يا صديقي جسدا، فستبقى روحك الزكية، وسيرتك النقية الطاهرة، تعيش معنا في حياتنا، وفي أفراحنا وفي أحلامنا، ولن ترحل، فأنت متجذر في أعماق قلوبنا، ومستوطن في داخلنا مدى الحياة، ولن ترحل ضحكاتك وأعمالك الطيبة. أودعك يا صديقي وقطرات من دموعي تنطق وتصرخ باسمك في كل الأماكن والدروب التي جمعتنا واحتضنتنا، فإلى جنة الخلد بإذن الله يابو فواز. قبل الوداع: ستبقى حاضرا دائما يا صديقي في مسارات ليلي، وفي نبض طريقي.