أين أنت؟ هل رحلت؟ ومتى رحلت؟ هذه دفاترك.... وتلك أقلامك. هذا كتابك.... وهذا مكانك. هذه ثيابك.... وهذه آثارك. ولكن... أين أنت؟ أحقاً رحلت؟ مثل ما عشت في دنياك بهدوء.... رحلت عنها بهدوء، أحبك القريب والبعيد وحزن عليك خلق كثير.. كلما تذكرت وجهك الطاهر الذي يحمل وراءه قلبا كبيرا تذرف عيناي دموعاً بألم، بعد سماع خبر رحيلك تمنيت أن يعود الزمن قليلاً للوراء ثم يتوقف وتمتد اللحظة لتصبح أعواماً.. حتى لا ترحل. لا أدري لماذا أحببتك؟ لكني لا أستطيع أن أقول سوى أني أحببتك حباً يكاد يعادل محبتي لوالدي. وإن كنت لم أحظ يوماً بشرف العيش قربك ولم أقف على تفاصيل حياتك بما تضمنته من أفراح وأتراح، ولم أحادثك سوى مرة واحدة إلا أن عاطفتك الأبوية جعلت قلبي يحمل لك كل محبة واحترام وتقدير. وداعاً أبا عبدالعزيز... فقد رحلت عنا وتركت في قلوبنا مسحة حزن على فراقك.. وها هو العيد قد حل وهو من دونك حزن وأسى.. كيف لا؟ وأنت شمعة الدار ونورها الذي يتلألأ.. عيد بأية حال عدت يا عيد..... بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديد. تركت دار العمل إلى دار الحساب ولا عمل... اسأل الله العلي القدير أن تكون في عليين مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. كنت أباً حنوناً ذا قلب كبير ويكفي شهادة من عرفك أنك رجل بما تحمل هذه الكلمة من معنى، كل الناس أحبتك وإذا أحب الله عبداً أنزل محبته في قلوب الناس والناس شهود الله في أرضه. لن أنسى تلك اللحظات عندما رأيت وجهك الطاهر وأنت مسجى على فراشك الأخير كدت أن أهنئ أبناءك فقد كان وجهك يبشر بحسن ختام ورضا من الرحمن نحسبك كذلك والله حسيبك. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم رب السماوات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم أن ينزل عليك شآبيب رحمته وأن يرفع قدرك ومكانك في جنانه كما رفع قدرك في قلوبنا، وأن يجعل ما أصابك تمحيصاً وتطهيراً من الذنوب وأن يجزيك بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً وأن يبدلك داراً خيراً من دارك ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة.. اللهم واجمعنا به وبأحبابنا في مستقر رحمتك جناتك جنات الخلود... آمين. وداعاً والدنا وداعاً.... يا من أحببناك حياً وميتاً. وداعاً.... يا من بكتك قلوبنا وأعيننا. وداعاً.... يا من أسرت معك كل مشاعرنا وأحاسيسنا. وداعاً أبا عبدالعزيز. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).. واللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها. فإن القلب ليحزن.. وإن العين لتدمع.. وإنا على فراقك يا والدنا لمحزونون. مرثية في والدنا الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز المشعل... رحمه الله.