على الطرق الموغلة في صحراء منطقة حائل، ثمة لوحات مرور إرشادية عدة، تشير إلى مناطق عدة في المنطقة، منها ضروة الشويمس، والشويمس، والحائط، مع تقدير المسافات بينها، لكن ليس ثمة لوحة تشير إلى قاع السباق، الذي يقع في تلك الأنحاء والذي كان ميدانا لواحدة من أطول حروب العرب، وهي حرب داحس والغبراء التي دامت 40 عاما، والتي تعد الأشد ضراوة في تاريخ العرب. وكانت بداية شرارة هذه الحرب قد اندلعت في قاع سمي قاع السباق، ويقع على بعد 200 كلم جنوب منطقة حائل، بالقرب من موقع راط والمنجور، المسجل ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو. يقول الدكتور عبدالله سعد العويمري «يتبع قاع السباق مركز الشويمس في محافظة الحائط، وتحديداً في حرَّة بني رشيد المعروفة قديماً بحرة النَّار». وتابع «ما يميز قاع السابق هو ملاءمته الطبيعية للسباق بسبب وعورة الحرة من حوله، واتساعه، وامتداده لمسافة تكفي للسباق، وبحسب روايات كبار السن فإنه من المتوارث لديهم، أنه القاع الذي شهد اندلاع فصول معركة داحس والغبراء، وكانت شرارة الحرب الأولى سلب قافلة حجاج للمناذرة تحت حماية الذبيانيين، وهو ما سبب غضب النعمان بن المنذر، الذي أوعز بحماية القوافل لقيس بن زهير، مقابل عطايا وشروط اشترطها قيس، ووافق النعمان عليها، مما سبب الغيرة لدى بني ذبيان، فخرج حذيفة مع مستشاره وأخيه، وبعض أتباعه لمقابلة قيس بن زهير، وتصادف أن ذاك اليوم كان يوم سباق للخيول. حرب طاحنة وقعت الحرب بين فرعين من غطفان، هما عبس وذبيان عبس، وقد نشبت في منتصف القرن «6» حروب ألجأت قبيلة أو قبائل عبس إلى الرحيل. ومن مشاهيرهم قيس بن زهير، والربيع بن زياد، وعنترة أبو الفوارس، وعروة بن الورد. و «داحس» هو اسم حصان أصيل ومشهور كان ل «قيس بن زهير العبسي» و «الغبراء» هو اسم فرس شهيرة كانت ل «حمل بن بدر الذبياني». وبدأت القصة حين تجادل قيس العبسي من بني عبس، وحمل الذبياني من بني ذبيان، حول أي الخيلين أسرع وأقوى، فاتفقا على إجراء سباق، وتراهنا على أن ينال صاحب الفرس السابق منهما 100 بعير. حضر الطرفان للسباق ووضعا شروطا ومكانا ومسافة، لكن المسافة كانت طويلة تستغرق أياما عدة، في شعاب صحراوية شتى، لكن حمل بن بدر الذبياني صاحب الغبراء، أوعز لأتباع له بأن يعترضوا طريق داحس إن وجدوها سابقة ففعلوا، وخوفوها وأسقطوها وفارسها، فتأخر فترة عن السباق، لتفوز الغبراء. انكشف الأمر لاحقا، فاشتعلت الفتنة، وتطاول حذيفة الذبياني على قيس العبسي، فهجم عليه الأخير وأرداه قتيلا، فثارت ذبيان، وقتلت مالك شقيق قيس، فاشتعلت الحرب وامتدت أعواما مديدة. مقاربات يقول الدكتور العويمري «الحرة التي يقع فيها قاع السباق، تزخر بعدد من المعالم الأثرية والتاريخية، بعضها يعود إلى العصور الحجرية، فهناك نقوش الشويمس والقور والمرير، والبصر وشجوى وغيرها، من العصر الحجري إلى العهد البابلي، والعماليق والحضارات التي أعقبتها، إلى العهد الإسلامي، والشواهد هناك كثيرة تتحدث عن حضارات أمم، سادت ثم بادت على مدى حقب التاريخ». من الاسم نصيب لقاع السباق بحسب الدكتور عبدالله سعد العويمري، من اسمه نصيب، فهو مكان تُجرى فيه سباقات أصايل الأبل والصافنات من الجياد، وبحسب الموروث الشفاهي، الذي يحتفظ به أهالي الحرة، استمرت فيه رياضة السباق إلى عهدٍ قريب، حيث كانت تُجرى فيه السباقات في الأعياد والمناسبات، فكان ميعاداً يقصده المتسابقون. وتابع «يجاور موقع السابق موقع راط والمنجور، المسجل ضمن قائمة التراث العالمي في اليونيسكو، ويعود تاريخ النقوش الأثرية في الموقع إلى العصر الحجري الحديث، ويحتوي على فنون صخرية تتميز بالمنحوتات البشرية والحيوانية، التي تصور الجمال، والخيول، والوعول، والنخيل، إلى جانب النقوش الثمودية، ومنحوتات الرجال وهم يركبون الجمال، في إشارة إلى نشاط القوافل التجارية، وفنون صخرية تصور البشر بالحجم الطبيعي، إلى جانب مجموعة مختلفة من الحيوانات». وأكمل «تكثر حوله أيضا الكهوف وآثار البراكين، فعلى حافة حرة النار يظهر كهف شعفان، ويطل بفوهته المترامية الأطراف، بصفته أحد أكبر الكهوف في السعودية، ويتجاوز طوله كيلومترين اثنين، ويرتفع حتى يصل إلى 8 أمتار وينخفض حتى يصل 800 متر تحت الأرض، ويحوي طرقاً فرعية متعرجة لا يعرف طول نهايتها». قاع السباق - يقع على بعد 200 كلم جنوب منطقة حائل - قريب من موقع راط والمنجور المسجل باليونيسكو - انطلقت منه شرارة حرب داعس والغبراء - طبيعته ملائمة للسباق بسبب وعورة الحرة من حوله، واتساعه، وامتداده - يزخر بعدد من المعالم الأثرية والتاريخية - فيه نقوش تعود إلى العصر الحجري