خاضت أمريكا منذ استقلالها في 1776 حروبا عديدة، وسنركز على الحروب الدولية في العصر الحديث. ابتداءً.. خاضت أمريكا حربا شرسة ودموية في الحرب العالمية ضد الإمبراطورية اليابانية، تلك الحرب التي استبسلت فيها قوات البحرية اليابانية ضد أمريكا وحلفائها، وألحقت الخسارة الكبيرة بأمريكا ومن معها. وعندما أيقنت أمريكا أنها خاسرة لا محالة، قلبت هزيمتها لنصر بفعل مُجرم ومُحرم دوليا بإلقاء القنبلة النووية على «هيروشيما» و«ناجازاكي»، على الشعب المسالم الأعزل، مما دفع اليابان إلى الاستسلام. لكن هذا النصر غير الشريف في مبادئ الجيوش والدول، سجله التاريخ كنقطه سوداء في تاريخ الولاياتالمتحدة، باعتبارها أول دولة في التاريخ تستخدم هذه الأسلحة في قتل مئات آلاف من الأبرياء العزل خلال دقائق بأسلحة محرمة. فهل هذا النصر يعتبر نصرا حقيقيا في تاريخ الحروب!؟. ومن ثم خاضت أمريكا وقوات الحلفاء حربا عالمية ضد الحزب النازي في ألمانيا، بقيادة الجنرال أدولف هتلر، الذي ألحق الهزيمة بأغلب دول أوروبا، ودخل الجيش الألماني عدة عواصم أوروبية، فكانت أمريكا وبريطانيا في مقدمة قوات الحلفاء، لكن من دخل برلين، وألحق الهزيمة النهائية بالقوات النازية كان الجيش الأحمر السوفيتي. فسجل التاريخ أن القوات السوفيتية هي أول من دخل برلين، وألحق الهزيمة النهائية بالنازيين!، وبذلك أسدل الستار على الحرب العالمية الثانية دون تدوين أي نصر للقوات الأمريكية تاريخيا!!. ومن ثم تعلن السيدة أمريكا نيتها لشن حرب على دولة فيتنام، وبالفعل قامت الحرب التي ألحقت العار التاريخي بالقوات الأمريكية بعد هزيمتهم من القوات الفيتنامية، الهزيمة التي تحدثت عنها الأجيال حتى الآن، وعلى الرغم من محاولات هوليوود لتلميع تلك الهزيمة، لكن لا يصح دائما إلا ما هو صحيح، والحقيقة لا تحجب، حيث خرجت السيدة أمريكا من هذه الحرب تجر ذيول الهزيمة النكراء. ومع بداية الألفية، تغزو السيدة أمريكا مجددا دولة العراق العربية دون أي سبب وبلا أي مبرر، وبعد عدة أعوام تخرج من أرض العراق بلا أي نصر يذكر، ودون تحقيق أي أهداف سوى أنهم خرجوا من هذا البلد وهو مدمر، لا نظام فيه ولا غذاء ولا دواء ولا إعمار، فسجل التاريخ أيضا هذه النقطة السوداء في تاريخ الجيش الأمريكي. واليوم العالم يتحدث عن فرار القوات الأمريكية من «كابول»، بعد معارك دامت لأكثر من عشرين عاما ضد قوات حركة «طالبان» الأفغانية. رأينا كيف كانت الطائرات الأمريكية تقلع من مطار كابول، تاركة كل من تعامل معها دون أي حماية، فتركوهم لمصيرهم، ومن تعلقوا بتلك الطائرات تناثرت أشلاؤهم فوق العاصمة، مما ذكرني بمقولة الرئيس المصري الراحل «المتغطي بأمريكا عريان». هزيمة أخرى يسجلها التاريخ للسيدة أمريكا، لكن هذه المرة كانت الهزيمة في عصر التواصل والتطور الرقمي، مما جعل العالم بأكلمه يرى ويسمع هزيمة أمريكا في أفغانستان، لن تكون أمريكا بعدها كما كانت في أنظار العالم قبلها. إذن.. إن تعمقنا بنظرة ثاقبة في تاريخ الجيش الأمريكي، فلن نجد أنه انتصر في أي من معاركه التي خاضها خارج الحدود، بل العكس، مما يخفف الضغط التاريخي على الجيش الفرنسي، الذي يكتب عنه كل المؤرخين المختصين أنه الجيش الذي لم ينتصر في تاريخه، لكن الآن نقول إن الجيش الأمريكي هو الجيش الذي لم ينتصر في حروبه خارج حدوده في تاريخه!.