فيما ارتفعت حصيلة قتلى حرائق الغابات المتواصلة منذ الاثنين في مناطق عدة في الجزائر إلى 65 هم 28 عسكريا و37 مدنيا، انتشرت صورة في مواقع التواصل أثارت الكثير من المشاعير الحزينة والتفاعل مع ما حل بالجزائر من حرائق مدمرة. وتعود الصورة التي انتشرت بشكل كبير لطفلة صغيرة وهي تبكي فيما تقف سيارة عائلتها أمام نيران اللهب. وأشار التلفزيون الحكومي في خبر عاجل إلى "ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق الغابات إلى 65 ضحية من بينهم 28 عسكريا و37 مدنيا، أغلبهم في ولاية تيزي وزو". وأشار إلى أن "12 عسكريا في حالة حرجة بالمستشفى". وإثر ذلك، أعلن الرئيس عبدالمجيد تبون "حدادا وطنيا لمدة 3 أيام ابتداء من الخميس". وجاء في بيان للرئاسة "مع تجميد مؤقت لكل الأنشطة الحكومية والمحلية، ما عدا التضامنية". وقال المتحدث باسم الحماية المدنية النقيب نسيم برناوي لتلفزيون "الشروق" صباح الأربعاء إن "عدد الحرائق التي لا تزال مشتعلة يبلغ 69 في 17 ولاية، منها 24 حريقا في تيزي وزو وحدها". وحذّر من أن "الرياح التي تهبّ حاليا يمكن أن تزيد من انتشار الحرائق". وشاهد مصوّر في وكالة فرنس برس صباح الأربعاء طائرتين مروحيتين تابعتين للجيش تقومان بنقل المياه من سد تقسبت بتيزي وزو للمساهمة في إخماد الحرائق. واندلعت الحرائق التي تقول السلطات إنها "مفتعلة"، في منطقة القبائل في شمال شرق الجزائر، ثم اجتاحت كل المناطق الساحلية بشمال وسط وشرق البلاد، وصولا الى ولاية الطارف الحدودية مع تونس التي شهدت بدورها اندلاع بعض الحرائق. الوضع خطير جدا في تيزي وزو وحدها، ما زال رجال الإطفاء مدعومين بقوات الجيش على الأرض وبالمروحيات يعملون على إخماد 23 حريقا اندلعت منذ الاثنين في المنطقة الكثيفة بالسكان والمعروفة بجبالها وغاباتها، وفق ما أفاد مدير الغابات في ولاية تيزي وزو يوسف ولد محمد وسائل إعلام محلية الأربعاء. في دائرة الأربعاء ناث إيراثن التي تقع ضمن الولاية وتضمّ عددا من البلدات والقرى، اضطر السكان الى مغادرة منازلهم بعدما حاصرتها النيران، وهم لا يحملون سوى أمتعة خفيفة ووثائقهم المهمة. وقال عبد الحميد، التاجر في قرية بني يني، في اتصال هاتفي مع وكالة فرنس برس، إنه ترك كل ما يملك في قريته وهرب مع زوجته وثلاثة من أبنائه إلى مدينة تيزي وزو. وأضاف "من حسن حظي أنني أملك شقة في وسط المدينة لجأت إليها مع أسرتي وآويت معي أحد جيراني". وذكر ولد محمد أن "الطرق نحو هذه القرى مغلقة والوضع خطير جدا". وكان مراسل لوكالة فرنس برس شاهد الثلاثاء وصول النيران الى مستشفى الأربعاء ناث إيراثن المليء بالمرضى وبينهم مصابون بكوفيد-19. وسارع نحو 100 إطفائي وجندي الى إطفاء الحريق لمنع احتراق المستشفى. وكتبت الحماية المدنية عبر صفحتها على "فيسبوك" مساء الثلاثاء "تمكننا من إخماد الحريق الذي اندلع في محيط المستشفى بفضل تجنّد المواطنين والأطباء والممرضين". وفتح مواطنون بيوتهم لاستقبال الهاربين من النيران، وفق رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمان الذي أعلن أيضا تسخير "كل الفنادق حتى الخاصة منها وكذا الاقامات الجامعية" من أجل إيواء المنكوبين. تضامن ومنذ صباح الثلاثاء، بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات لتنظيم قوافل لمساعدة سكان قرى تيزي وزو، ولجمع مواد غذائية وأدوية وتقديم وسائل نقل المياه والمساعدة في إخماد الحرائق. وانطلقت من العاصمة شاحنات تنقل مواد تبرع بها مواطنون وتجار، وكذلك سيارات مواطنين حمّلوها خاصة بمياه الشرب وحليب الأطفال والحفاظات، وفق ما نقل مراسل لفرانس برس. ونشرت صفحة "أطباء" على "فيسبوك" نداء للتطوع من أجل الانتقال إلى مستشفى تيزي وزو للمساعدة في علاج المصابين، مشيرة الى أن العاملين في المستشفى مرهقون أصلا بسبب ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19. كما أعلنت وزارة الصحة تخصيص أماكن إضافية للمصابين بحروق خطيرة في المستشفيين المتخصصين بالعاصمة. وتوقعت مصالح الأرصاد الجوية استمرار موجة الحر الشديد التي لا تساعد في كبح الحرائق، إلى يوم 15 أغسطس، وأن تصل درجات الحرارة إلى 46 درجة. وأعلنت الإذاعة الجزائرية العامة الثلاثاء توقيف ثلاثة من "مشعلي حرائق" في مدينة المدية (شمال)، فيما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية توقيف رابع في عنابة. وتضم الجزائر، وهي أكبر دولة إفريقية، 4,1 ملايين هكتار من الغابات فقط مع نسبة إعادة تشجير متدنية بلغت 1,76%. وتشهد البلاد حرائق غابات سنويا، وقد أتت النيران العام 2020 على حوالى 44 ألف هكتار. وتنتشر ظاهرة الحرائق في عدد من دول العالم، وترتبط بعناصر مختلفة توقعها العلماء، لا سيما ظاهرة الاحتباس الحراري. وتعتبر الزيادة في درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار مزيجًا مثاليًا لتطور الحرائق. في تونس المجاورة للجزائر، حطمت العاصمة تونس الثلاثاء، رقمها القياسي على الإطلاق، وبلغت الحرارة فيها 49 درجة. وسُجل نحو خمسة عشر حريقًا في الشمال والشمال الغربي لم تسفر عن ضحايا، وفق المتحدث باسم الحماية المدنية المعز تريعة. على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ، المنطقة الأكثر تضررًا خلال الأسبوعين الماضيين، خلفت سلسلة من الحرائق الضخمة ثمانية قتلى على الساحل التركي وثلاثة قتلى في اليونان.