الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، الحمد لله الذي له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، الحمد لله في السرّاء والضرّاء، الحمد لله الذي جعل الموت حقاً، وجعل الصبر على البلاء رِفعة في الدنيا، وعَظّم أجره في الآخرة.. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كم هو مؤلم ومحزن أن يفقد الإنسان أنبل وأعز وأوفى صديق يزرع في النفوس البهجة والتفاؤل والأمل والسعادة، حتى وهو يعاني من شدة المرض، فقَدنا كريم الخِصال الشيخ سلطان بن عبدالوهاب أبو ملحة، مدير عام التأمينات الاجتماعية بمنطقة عسير سابقاً، الذي وافاه الأجل مساء يوم الاثنين 2 ذو الحجة 1442ه الموافق 12 يوليو 2021م في مدينة الرياض، بعد معاناة مع المرض، وكان خبر وفاة أبو محمد فاجعة اعتصرت قلبي، فهو الزميل والصديق الصدوق والنسيب الوفي، وفقدانه، رحمه الله، سبب لي الكثير من الألم وشديد الحزن. بداية أتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة إلى الوالد الغالي الشيخ محمد بن عبدالوهاب أبو ملحة، عميد الأسرة، وإلى أبناء الفقيد محمد وخالد وفيصل وفهد، وكافة أسرة آل أبو ملحة الكريمة، وإلى زوجة الفقيد وبناته وأحفاده وأرحامه، سائلاً المولى -عز وجل- أن يغفر له ويرحمه، ويكرم نزله ويوسع مدخله ويغسله بالماء والثلج والبرد، وأن ينقيه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأن يجازيه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفران، وأن يدخله الجنة من غير حساب ولا سابق عذاب، وأن يثبته بالقول الثابت، اللهم اجعل ما أصابه رفعة في درجاته واجمعنا به في جنات النعيم إخواناً على سرر متقابلين، اللهم ألهمنا وأهله وذويه الصبر والسلوان.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ. عرفت سلطان منذ فترة طويلة، ولكني عرفته عن قرب أثناء دراستنا بالولايات المتحدةالأمريكية، حيث كان يحضّر الماجستير، وكنت في السنوات الأخيرة من دراسة البكالوريوس، ثم بعد عودتنا إلى أرض الوطن، حتى توفي رحمه الله. يتميز سلطان بدماثة الأخلاق والأدب، وبشاشة الوجه والتواضع، والحلم والهدوء وسعة الصدر، وطيبة النفس وحلاوة اللسان، والتسامح، والكرم والمروءة والشهامة والخلق العالي، والتعامل الراقي الذي يأسر قلب كل من عرفه، كما كان رحيماً، عطوفاً، لطيفاً، نبيلاً، صادقاً، وغيرها الكثير من الشمائل الحميدة التي يتصف بها أبو محمد، تغمّده الله بواسع رحمته. عرفته واصلا لرحمه وباراً جداً بوالدته، رحمهما الله، والتي رافقته أثناء دراسته بأمريكا لبعض الوقت، كما عُرف عنه تميّزه العلمي والعملي والإداري، وتفانيه في خدمة دينه ووطنه وقيادته، لما يقارب أربعة عقود، وكان من ضمن صنّاع التنمية في منطقة عسير، حيث عمل في التأمينات الاجتماعية منذ بداية تأسيس مكتبها بالمنطقة، حتى أصبح مديرها العام. وقد ساهم مساهمة فعّالة في العديد من الإنجازات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من الجهود التي تقدمها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للمجتمع ورعاية العاملين، كما كان له الكثير من الجهود والأعمال الخيرية والإنسانية والرياضية، وأعلم أنه كان محباً جداً لعمله وحازماً فيه، ليّناً في الأمور التي تتطلب الحكمة واللين.. وكان لا يخاف في الله لومة لائم. والشيخ سلطان بن عبدالوهاب أبو ملحة، رحمه الله، سليل أسرة كريمة لها تاريخها ومواقفها المشرفة في دعم ومساندة المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، أثناء مراحل التوحيد والبناء لهذا الكيان الشامخ، المملكة العربية السعودية، فكان لوالده الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة السبق مع شيخ شمل قبائل شهران الشيخ سعيد بن عبدالعزيز بن مشيط، في دعم ومساندة المؤسس والوقوف معه بكل ولاء وصدق وأمانة وإخلاص، رحمهم الله جميعاً. ولقد قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، رحمه الله، في تسجيل صوتي، «... كل القبائل ما فيها قصور ولكن الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة ومعه الشيخ سعيد بن مشيط كان لهما دور كبير في دعم الملك عبدالعزيز وتأييده رحمهم الله جميعاً...». بفقدانك يا سلطان الوفاء فقدنا رمزاً من رموز الوطن وشخصاً عزيزاً وغالياً علينا، وسوف تبقى حاضراً في قلوبنا وإن غبت عنا، فوداعاً يا من كنت خير الأخ الشهم والزميل والصديق الوفي والصادق، لقد غادرت هذه الدنيا الفانية إلى دار الخلد الباقية، بعد حياة كريمة حافلة بالعمل والعطاء وحب الناس. فاللهم يا حي يا قيوم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، واجعل منزلته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم آنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته، واجعل قبره روضة من رياض الجنة.. اللهم أنزله منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين، واللهم اجمعنا وإياه في مستقر رحمتك.. اللهم ألهم أهله وأحبابه وأصحابه الصبر والسلوان واربط على قلوبهم وارضهم بقضائك، اللّهم ثبتني وإياهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويوم يقوم الأشهاد، وصلّى الله وسلّم وبارك على حبيبنا النبي المصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.