إذا كانت الحداثة دربا من دروب التطور في الفن التشكيلي المعاصر، كسائر الفنون الأخرى، ورغم مسايرة الفنانين العرب في نتاجهم الفني لهذا النمط من الفن التشكيلي، إلا أننا لا ننكر أن معظمهم تأثر بشكل مباشر بالمصداقية، بعيداً عن الإسفاف الغربي. لذلك نستطيع القول إن الحداثة في الفن التشكيلي العربي، قد امتطت صهوة المدارس الفنية المعاصرة، وابتكرت في تكويناتها من منابع الحياة، والاعتماد الكلي على القيم الجمالية، المتمثلة في الضوء والظل. وكان للفنان العربي في وادي النيل ووادي الرافدين، وإرثهم الفني، مسارات هيأت لهم السبق في اكتشاف التجريد في الفن الإسلامي، وتوظيفه تشكيلياً بالخطوط والزخارف في تزيين القصور والمساجد، أما من انحاز منهم للحداثة الغربية فقد تاهوا بين أطلال التراث، وفوضى الحداثة. ليس كل ما هو تجريدي بالضرورة عبثيا، وليس كل عبثي فنا تجريديا. وسيظل الفنان الصادق لاهثا خلف موروثاته وبيئته، يعبر بها عن حداثته في أعماله بأداء متطور. لذا يمكن القول إن البعض الذي انتهج الحداثة، تحت شعار الفن العبثي غير الهادف، باتت المسيرة الفنية لديهم تتخبط في اتجاه خاطئ، أصبح شائعًا على حساب صحيح بات ضائعًا.. وابتعدوا عما يعالج قضايانا وهمومنا الإنسانية.