ظلت الحروف العربية والخيل من أكثر المفردات التشكيلية التي تعامل معها التشكيليون بصور مختلفة، تبدأ من النقل الحرفي لهما، وصولًا إلى تجريدهما بحسب مكنة وقدرة الفنانين، لتبرز في سياق هذا الاهتمام العديد من التجارب المائزة. ومن بين الفنانين الذين قدموا تجربة مختلفة عن السائد بتناول هاتين المفردتين تجربة الفنان التشكيلي سليمان باجبع في معرضه الشخصي الخامس بمركز سيزان للفنون، حيث قدم سليمان في هذا المعرض أحدث أعماله الفنية التي ظهر فيها أسلوبه الخاص بتناوله للخيل والحرف العربي. وقد اعتبر باجبع هذا المعرض خطوة مهمة للتواجد في الساحة الفنية بقوة خصوصًا بعد نجاح معرضه السابق في مدينة الطائف قبل شهر تقريبًا. تبسيط وسيطرة وقد قوبل معرض باجبع بكثير من الإشادة من قبل النقاد والفنانين والحضور، حيت تحدث الفنان أحمد منشي عن أعمال باجبع بقوله: في عصر الاجتياح المادي.. عصر الانفلات.. والتمرد؛ بل قل عصر العبثية بانقلاب المعايير والقضاء على الحس البشري.. لا يزال جاثمًا بين الانقضاض حاول.. ويحاول نفض الغبار.. للوقوف وسط أطلال متراكمة داخل خنادق مظلمة تسيطر عليها كائنات طفيلية.. تكتنفها أجواء ملوثة، حاول التنفس.. فإذا به يصاب بنوع من الاختناق، فكاد أن يفقد معها توازنه. ومع ذلك حاول، وما زال يحاول.. وسيظل يحاول كي يتجاوز من نصبوا أنفسهم على الفن والفنانين ففي أول محاولة للعودة إلى الساحة التشكيلية وبعد غياب يربو على العقد من الزمان وقع ضحية لأصدقاء روما حين حاولوا بيعه... الوهم. إنه الفنان القدير سليمان باجبع صاحب الحس الشاعري والرؤية التلخيصية الشرقية المعتمدة على إبراز المنجز الشكلي من خلال إطار البعدين المتسم بالزخرف والحركة الداخلية المعتمدة على العلاقات الهندسية والخطوط اللينة المستخدمة على الأواني التراثية المتباينة والمتجانسة في آنٍ واحد اعتبر من الجيل الطليعي المعاصر للممارسة التشكيلية السعودية الذي يتراقص على أنغام وإيقاعات المفردات الشعبية ورموزها الغنية في محاولة لاستلهام التراث وتأكيد البحث عن الهوية. مضيفًا: إن عودة الفنان للركض والجموح كفارس يمتطي صهوة جواد أصيل.. وفي هذا الوقت بالذات يمثل حالة من حالات الوفاء وعاملًا من عوامل تنقية الأجواء.. لتغيير المفاهيم؛ فالفن بلا جذور كالشجرة الجوفاء التي حرمت نعمة النمو لتفقد بذلك وقعها الزماني والمكاني. فالجديد في معرضه الشخصي الخامس ميله إلى اختزال المفردات والعناصر أكثر من ذي قبل؛ بمعنى لجوئه للتبسيط والسيطرة على الفراغ دون ازدحام من خلال استقراره على النهج التجريدي التعبيري.