يتفرد قليل من رواد الكشافة السعودية بأنهم كانوا شهودا على تأريخها والاعتراف بها عضوا في المنظمة الكشفية العالمية والمنظمة الكشفية العربية، ومن بين هؤلاء الرائد الكشفي محمد بن علي النجار، المولود في محافظة جدة 1358ه، حيث كان أحد أعضاء الوفد الكشفي السعودي المُشارك في الجامبوري الكشفي العالمي الحادي عشر الذي أُقيم في اليونان 1383ه، وافتتحه في ذلك الوقت ولي عهد اليونان الرئيس الأعلى للكشافة اليونانية، الأمير قسطنطين، وتمت حينها دعوة الوفد السعودي للمشاركة في المؤتمر الكشفي الذي عُقد في جزيرة «برودوس» باليونان كعضو رسمي في المنظمة العالمية. شارك «النجار» في ذلك الوقت مع عدد من زملائه في ذلك الجامبوري، ومنهم الدكتور عبدالله نصيف، والدكتور رضا كابلي، ومحمد أبولبدة، وغازي غراب، وكامل فطاني، وعبدالله الشلهوب، وإبراهيم المانع، ومحمد الجبرين، وكان الوفد برئاسة عباس حداوي، ويساعده الدكتور جمال الشرقاوي وعبدالله السويلم. كما كان قد شارك في المخيم الكشفي العربي الخامس بالمغرب 1962م، الذي افتتحه ملك المغرب محمد السادس، كأول مشاركة بعد تسجيل الكشافة السعودية عضوا في المنظمة الكشفية العربية، برئاسة عباس حداوي أيضا، وبمشاركة عدد من زملائه، من بينهم الدكتور زيد صالح، ومنصور شلبي، وجبرين الجبرين، ونبيل حسين، وزيد صالح، وعبدالله القناعي. بالإضافة إلى ذلك، فإنه أحد أبرز الشخصيات الكشفية التي سجلت اسمها في لوحة شرف المشاركة في التجمعات الإسلامية التي عُقدت في مكةالمكرمة ما بين 1384 و1394ه، لخدمة حجاج بيت الله الحرام، مما جعل حياته الكشفية تتسم بالخبرات التراكمية التي تجلى فيها بُعد النظر وقوة الإرادة. أتذكر في ذلك الشأن مقولة قالها، خلال مشاركته في المؤتمر العام الثالث للاتحاد العربي لقدامى الكشافة في لبنان 1422ه: «يجب على قدامى الكشافة أن يوجهوا خبراتهم لنفع المستجدين بالمشورة بعيدا عن الوصاية والتدخل في الأمور التي تخص الكشافة»، وحينها دوت القاعة بالتصفيق، ووقف المؤتمرون احتراما له، ولمداخلته التي لامست الحقيقة المرة، وهذا ما يؤكد بُعد نظره الذي نعانيه اليوم في بعض الدول العربية. ظهرت الكثير من الصفات القيادية على شخصه طيلة مشواره الكشفي سواء في وزارة التعليم أو التعليم الفني أو رابطة الرواد الكشفيين، حيث تميز بالنشاط والحيوية والإخلاص والتفاني. كما عُرف عنه قدرته على التأثير والفطنة وسرعة البديهة، فضلا عن التواضع الجم والخلق الرفيع والتعامل الراقي، وهو ما جعل جمعية الكشافة العربية السعودية تختاره لتمثيل الوطن في العديد من المناسبات منذ أن كان كشافا. كما قاد العديد من الدراسات الكشفية، واختير للعديد من اللجان محليا وعربيا. وأمام ذلك العطاء والتميز والتفرد، مُنح «النجار» قلادة دول مجلس التعاون الخليجي 1418ه. كما منحته جمعية الكشافة وسام القيادة الكشفي الذهبي، الذي يُعد أعلى وسام كشفي بالمملكة، وذلك في حفل تكريم الشخصيات والقيادات الكشفية التي كان لها دور في دعم عمل وأنشطة الجمعية في 1426ه، برعاية ملكية من الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينةالمنورة آنذاك، كما سبق أن مُنح، خلال الجامبوري العالمي الحادي عشر في اليونان، وسام «الغصن الفضي»، تقديرا لما قام به وزملاؤه من مشاركة فعالة ومتميزة، كان من بينها إقامة أطول ساري علم في الجامبوري، وتنفيذ بوابة ضخمة اتسمت بالمهارة في استخدام الحبال والاخشاب. ستبقى سيرة «النجار» على لسان كل من تتلمذ على يديه، وكل من عرفه من القيادات الكشفية، بوصفه قائدا كشفيا نذر نفسه وجهده للكشافة، مستشعرا أهميتها لدى المنتمي لها، لخدمة الدين ثم المليك والوطن.