لا ريب أن التعليم الوجاهي المباشر بالطريقة التقليدية، «معلم وطالب وسبورة في سقف صف واحد» هو الأفضل. لكن يبدو أنه مع تداعيات العصرنة الصاخبة، وسرعة مخرجاتها التقنية، وثورة الإنترنت الرقمية، أن التعليم عن بعد، سيكون أسلوب تعليم عصر قادم، لا مناص منه، عاجلاً أم آجلا. فمع انتشار وباء كورونا في العالم، اضطرت مختلف بلدان العالم، المتقدمة منها، والنامية، كما هو معروف، لفرض حالة الطوارئ، وحظر التجوال، سواء داخل تلك البلدان، أو فيما بينها، للحد من انتشار الفيروس، والوقاية من الإصابة به، الأمر الذي جعل المدن، تبدو أشبه بالمهجورة، وتعطلت حركة المواصلات، وأصبح التواصل بين الجميع، يتم في الغالب، عن طريق الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي.وقد انعكست تداعيات الحظر، على مختلف مجالات الحياة، ومنها المدارس، والمعاهد والجامعات، وأماكن العبادة، والأسواق، وأماكن التجمعات العامة، وأغلقت جميعها في أغلب بلدان العالم، وفي المقدمة منها بالطبع، المدارس والجامعات، خوفاً من إصابة الطلبة، وانتشار الفيروس بينهم. لاشك أن هذا الواقع الجديد، قد فرض الحاجة إلى السعي لإيجاد أسلوب تعليمي بديل، يحقق متطلبات الحظر، ويمكن الطلاب، في نفس الوقت، وبمختلف المراحل الدراسية، من «مواصلة» المنهاج الدراسي، وعدم فوات العام الدراسي عليهم. فكان «نظام التعليم الإلكتروني»، بأسلوب «التعليم عن بعد» هو الأسلوب البديل السريع، للتعليم المباشر، حيث يتلقى الطلاب دروسهم افتراضيا، عبر منصات التعليم الخاصة، المتاحة عبر منصات الإنترنت، ولو بمتطلبات الحد الأدنى، وذلك لتلافي التعليق الكلي للدراسة، بسبب وباء كورونا، وخسارة الطلاب عامهم الدراسي. بالرغم من كل السلبيات التي واجهت أسلوب التعليم الإلكتروني، مثل عدم استقرار الكهرباء، وضعف البنية التحتية لشبكة الإنترنت، ولاسيما في القرى والأرياف، وتواضع مهارة الكثير من الطلاب وعوائلهم، باستخدام التقنية الرقمية، إضافة إلى تعود الطلاب على أسلوب الحضور المباشر في التعليم، والاعتماد الكلي على المحاضرات، التي يتلقونها من المعلمين، والمدرسين في الصف، لا شك أن تقنية التعليم عن بعد، التي أفرزتها تداعيات الحظر الشامل، بسبب جائحة كورونا، جاءت أسلوبا بديلا مناسبا، رغم كل السلبيات التي لازمت اعتماده، لتواكب بذلك ضرورات محاكاة تطورات العصر التقنية، والتعليمية، وتختصر المسافات بين الجميع، وتجسر الهوة بينهم، حيث قربت المسافة بين المنزل والمدرسة، والجامعة، وبات بمقدور الطالب تلقي المحاضرات، والدروس، رغم الحظر الشامل، ورغم كل تلك المعوقات. وهكذا يبدو أن التعليم عن بعد، سيكون أسلوب تعليم عصر قادم، لامناص منه، عاجلاً أم آجلا، مما يتطلب التهيؤ والاستعداد للتعامل معه، ورصد كل السلبيات التي رافقت تطبيقه لتجاوزها مستقبلاً، والعمل في الوقت نفسه، على تطوير مهارات الطلاب الرقمية، لتحقيق الانتفاع الأمثل من استخدام الإنترنت في التفاعل مع منهج التعليم عن بعد، الذي سيحل يوما ما، جزئيا أو كليا، محل أسلوب التعليم التقليدي المباشر.