بالأمس.. قررت عمل ريجيم (دايت)، فاستيقظت صباح اليوم بإرادة عظيمة وهمة عالية.. وقفت أمام المرآة مردداً: أنا أستطيع أنا أستطيع.. لترد علي المرآة: you can.. You can «حتى المرايا صارت تتكلم إنجليزي.. سبحان الله»، ثم إنني خرجت بعد الظهر وتجولت في شوارع الرياض الحبيبة، فبدت لي وكأن دكاكينها ومحلاتها عبارة عن مطاعم رز بخاري! أينما توجهت وحيثما التفت لا يقع نظري إلا على هذه المطاعم وأشباهها! قرأت مرة أن الإنسان إذا أراد التخلي عن شيء فإنه يظهر له ويتاح أمامه، وهنا تكمن الصعوبة. لذلك كانت قدرة الإنسان على «التخلي» من أعظم النعم والتي تتطلب الصبر والمجاهدة للوصول إليها، فخسارة عصفور باليد أشد حسرة من خسارة عشرة في الشجرة. والشاب الذي يتخلص من تعلقه بفتاة أقوى ممن يتحدى الصعاب لأجلها، وقيمة الزهد أن يفيض المال في يدك فتكتفي بالقليل وتنفق ما تبقى في سبيل الله. من هنا استنتج بعض العلماء أن الغني الشاكر خير من الفقير الصابر، قالوا: لأن الفقير مجبر على الصبر لا يملك خياراً آخر، أما الغني، فقد أتته الدنيا وفتحت في وجهه الأبواب فإن هو أدى شكرها وصبر على حق الله فيها وجاهد نفسه من أن ينغمس في شهواتها- مع توفرها له- كان خيرا من الفقير الصابر. إن تعزيز القوة في اتخاذ قرار التخلي يكون بالإيمان بالقضاء والقدر، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك. نصل إلى «التخلي» بفهم حقيقة الأشياء ومرادنا منها، وأن الكون لا يتوقف على أحد وأن لذة الترك- في أغلب الأحيان- أعظم من لذة الأخذ. وكذلك اليقين بقانون الوفرة وبتوفر البدائل وبأن العوض قادم. وبعد أن جالت تلك الخواطر في بالي، دار صراع بين البطن والعقل لم يدم طويلا واستسلمت لصوت البطن رغم تحذيرات العقل، فاتجهت إلى أقرب مطعم بخاري وطلبت ما شاء الله أن أطلب وجلست على المائدة، وشمّرت عن ساعدي مردداً: أنا أستطيع أنا أستطيع.