نتقاسم في أبها الوجع مع اللبنانيين والمقيمين في بيروت، نتساءل بقلوب محروقة، لم أغرقوها في الدماء والركام والموت؟ ونتوسل إلى الله أن يزيح عنها العناء. نواسيها بالغناء "يا حبيبتنا بيروت، شو صاير بالدني، بيروت يا بيروت، دخلك لا تنحني". نستقي من شعر نزار قباني الأمل برجوعها متألقة مثلما كانت، ونردد معه: "عندما ترجع بيروت إلينا، سوف نرمي في مياه البحر أوراق السفر، وسنستأجر كرسيين في بيت القمر، وسنقضي الوقت في زرع المواويل وفي زرع الشجر". لا يليق كل هذا الدمار ببلد أنبت الله أشجار الأرز في أرضه لتكون رمزا للسلام، فقد اعتدنا عليه جميلا، ويؤلمنا كعرب أن يُدمر، فهو بكل ما يملكه من مقومات سياحية وثقافية وتاريخية يستحق مكانة أعظم تليق به، ولن يتحقق ذلك إلا بجهود أبنائه الشرفاء وبتضامنهم جميعا لصناعة حكومة عادلة تنتشله من الضياع وترمم أوجاعه وتصلح ما أفسده الأشرار به، حكومة تولد من رحم هذه الكارثة التي لن يجدوا ظرفا أفضل وأعظم منها لاستغلاله لصالح وطنهم ومستقبله ومستقبلهم، وتنظيفه من كل من أغرقه في الدمار. احتمل لبنان ما يكفي، حتى انفجر مرفأ بيروت وانفجرت قلوب اللبنانيين وقلوبنا معهم بالألم والحسرة والقهر، وكأن بيروت تصرخ نيابة عنهم وتستنجد كل العالم أن ينقذوا لبنان وأهله من المجرمين، وأن ينقذوا معه كل بلد عربي دمرته أحزاب الإرهاب التي انتهكت قدسية الأوطان وكرامة الإنسان. يؤلمنا أن يحزن لبنان، أن تتألم فيروز التي غمرت كل صبح في حياتنا بالفرح، أن يخرج "جورج" من رحم أمه إلى الدمار، أن يصرخ شاب مقهور لموت شقيقه عاجزا عن إخبار طفلتيه التوأم بأن أباهما رحل، أن تدمر فرحة عروسين يوم زفافهما، وأن تزف عروسة شاب مكلوم إلى مثواها الأخير بدلا من أن تزف إلى بيته... يؤلمنا أن تتحول عروس الشرق في غمضة عين إلى حطام دون ذنب اقترفته. لا بأس بيروت، أنتِ جميلة رغم كل ما حدث، أفيقي من وجعك، أزيحي الركام عن وجهك، تألقي، ارتدي البياض، واحملي الزهور، فأنتِ عروسنا التي سنزفها حتما صوب الفرح.